الْوَحْدَةَ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْفِعْلِ الْوَاقِعِ مِنَ الْقِرَانِ إِذْ ذَاكَ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ بِلَفْظِ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بَعْدَ أَبْوَابٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعَقِيقِ كَفَضْلِ الْمَدِينَةِ وَفَضْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ نُزُولِ الْحَاجِّ فِي مَنْزِلَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الْبَلَدِ وَمَبِيتِهِمْ بِهَا لِيَجْتَمِعَ إِلَيْهِمْ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مِمَّنْ أَرَادَ مُرَافَقَتَهُمْ، وَلِيَسْتَدْرِكَ حَاجَتَهُ مَنْ نَسِيَهَا مَثَلًا فَيَرْجِعَ إِلَيْهَا مِنْ قَرِيبٍ.
قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّهُ أُرِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ؛ أَيْ فِي الْمَنَامِ. وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: رُؤيَ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ؛ أَيْ رَآهُ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُعَرَّسٌ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي مُعَرَّسٍ بِالتَّنْوِينِ، وَقَوْلُهُ: بِبَطْنِ الْوَادِي تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ وَادِي الْعَقِيقِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ) هُوَ مَقُولُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ الرَّاوِي عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: يَتَوَخَّى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَقْصِدُ، وَالْمُنَاخُ بِضَمِّ الْمِيمِ الْمَبْرَكُ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَسْفَلَ) بِالنَّصْبِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ هُنَاكَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. وَقَوْلُهُ: بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ الْمُعَرَّسِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ: بَيْنَهُمْ؛ أَيْ بَيْنَ النَّازِلِينَ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ؛ أَيْ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ بَطْنِ الْوَادِي وَبَيْنَ الطَّرِيقِ، وَعِنْدَ أَبِي ذَرٍّ: وَسَطًا مِنْ ذَلِكَ بِالنَّصْبِ.
١٧ - بَاب غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ الثِّيَابِ
١٥٣٦ - قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ ﵁: أَرِنِي النَّبِيَّ ﷺ حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ بِالْجِعْرَانَةِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ سَاعَةً، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ ﵁ إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى - وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ - فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ وَهُوَ يَغِطُّ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي سَأَلَ عَنْ الْعُمْرَةِ؟ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: اغْسِلْ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الْإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
[الحديث ١٥٣٦ - أطرافه في: ١٧٨٩، ١٨٤٧، ٤٣٢٩، ٤٩٨٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ) الْخَلُوقُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ مُرَكَّبٌ فِيهِ زَعْفَرَانٌ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَاصِمٍ) هُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ أَرَهُ عَنْهُ إِلَّا بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ بِلَا خَبَرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ: ذُكِرَهُ بِلَا رِوَايَةٍ. وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مَعْمَرٍ أَوِ ابْنُ بَشَّارٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يَقَعْ فِي الْمَتْنِ ذِكْرُ الْخَلُوقِ وَإِنَّمَا أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهُوَ فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ بِلَفْظِ: وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ يَعْلَى) هُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ التَّمِيمِيُّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مُنْيَةَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَهِيَ أُمُّهُ، وَقِيلَ: جَدَّتُهُ، وَهُوَ وَالِدُ صَفْوَانَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ، وَلَيْسَتْ رِوَايَةُ صَفْوَانَ عَنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِوَاضِحَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا: إِنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ، فَإِنْ يَكُنْ صَفْوَانُ حَضَرَ مُرَاجَعَتَهُمَا وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: عَنْ صَفْوَانِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (جَاءهَ رَجُلٌ) سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ