للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بِالْمَدِينَةِ بَيْتًا غَيْرَ بَيْتِ أَمِّ سُلَيْمٍ) قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الدُّخُولَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، وَإِلَّا فَقَدَ دَخَلَ عَلَى أُخْتِهَا أُمِّ حَرَامٍ، وَلَعَلَّهَا أَيْ أَمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ شَقِيقَةَ الْمَقْتُولِ أَوْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ أُمِّ حَرَامٍ. قُلْتُ: لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَإِنَّ بَيْتَ أُمِّ حَرَامٍ، وَأُمِّ سُلَيْمٍ وَاحِدٌ، وَلَا مَانِعَ أَنْ تَكُونَ الْأُخْتَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ كَبِيرٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعْزِلٌ فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى هَذِهِ وَتَارَةً إِلَى هَذِهِ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ لَهُ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْقَائِلِ.

قَوْلُهُ: (إِنِّي أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي) هَذِهِ الْعِلَّةُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَخُوهَا حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابٍ مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَسَتَأْتِي قِصَّةُ قَتْلِهِ فِي غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَعِي أَيْ مَعَ عَسْكَرِي أَوْ عَلَى أَمْرِي وَفِي طَاعَتِي لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَشْهَدْ بِئْرَ مَعُونَةَ وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالذَّهَابِ إِلَيْهَا وَغَفَلَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ: قُتِلَ أَخُوهَا مَعَهُ فِي بَعْضِ حُرُوبِهِ وَأَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنِّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ):

قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مُطَابَقَةُ حَدِيثِ أَنَسٍ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِ أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ يَجْبُرُ قَلْبَ أُمِّ سُلَيْمٍ بِزِيَارَتِهَا، وَيُعَلِّلُ ذَلِكَ بِأَنَّ أَخَاهَا قُتِلَ مَعَهُ، فَفِيهِ أَنَّهُ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَذَلِكَ مِنْ حُسْنِ عَهْدِهِ ﷺ.

٣٩ - بَاب التَّحَنُّطِ عِنْدَ الْقِتَالِ

٢٨٤٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ وَذَكَرَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ قَالَ: أَتَى أَنَسٌ، ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ فَقَالَ: يَا عَمِّ مَا يَحْبِسُكَ أَنْ لَا تَجِيءَ؟ قَالَ: الْآنَ يَا ابْنَ أَخِي وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ. يَعْنِي: مِنْ الْحَنُوطِ، ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ انْكِشَافًا مِنْ النَّاسِ فَقَالَ: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا حَتَّى نُضَارِبَ الْقَوْمَ، مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ رَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ.

قَوْلُهُ: (بَابُ التَّحَنُّطِ عِنْدَ الْقِتَالِ) أَيِ اسْتِعْمَالِ الْحَنُوطِ، وَهُوَ مَا يُطَيَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ) أَيِ ابْنِ مَالِكٍ.

قَوْلُهُ: (ذَكَرَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ) كَذَا لِلْحَموِيِّ وَلِلْبَاقِينَ وَذَكَرَهُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ وَهِيَ لِلْحَالِ.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْيَمَامَةِ) أَيْ حِينَ حَاصَرَتِ الْمُسْلِمُونَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ وَأَتْبَاعَهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ.

قَوْلُهُ: (أَتَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ كَذَا قَالَ، لَمْ يَقُلْ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُرْقَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ. قُلْتُ: وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ جِئْتُ إِلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَنْصَارِيِّ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ حَسَرَ) بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ أَيْ كَشَفَ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ.

قَوْلُهُ: (يَا عَمُّ) إِنَّمَا دَعَاهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ الْخَزْرَجِ