للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٨٤٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي.

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا) أَيْ هَيَّأَ لَهُ أَسْبَابَ سَفَرِهِ (أَوْ خَلَفَهُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ الْخَفِيفَةِ أَيْ قَامَ بِحَالِ مَنْ يَتْرُكُهُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ) هُوَ الْمُعَلِّمُ نَسَبَهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ، وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ هُوَ وَأَبُو سَلَمَةَ، وَبُسْرٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ سَمِعَ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَحَدَّثَ عَنْهُ هُنَا بِوَاسِطَةٍ وَحَدَّثَ عَنْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ فِي غَيْرِ هَذَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ وَغَيْرُهُمَا.

قَوْلُهُ: (فَقَدْ غَزَا) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ يَغْزُ حَقِيقَةً. ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مَنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ وَلِابْنِ مَاجَهْ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ نَحْوَهُ بِلَفْظِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ وَأَفَادَتْ فَائِدَتَيْنِ

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الْوَعْدَ الْمَذْكُورَ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ التَّجْهِيزِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ.

ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ يَسْتَوِي مَعَهُ فِي الْأَجْرِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْغَزْوَةُ.

وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ بَعْثًا وَقَالَ: لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: وَأَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْغَازِيَ إِذَا جَهَّزَ نَفْسَهُ أَوْ قَامَ بِكِفَايَةِ مَنْ يَخْلُفُهُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَفْظَةُ نِصْفٍ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مُقْحَمَةً أَيْ مَزِيدَةً مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ بِمِثْلِ ثَوَابِ الْفِعْلِ حُصُولُ أَصْلِ الْأَجْرِ لَهُ بِغَيْرِ تَضْعِيفٍ، وَأَنَّ التَّضْعِيفَ يَخْتَصُّ بِمَنْ بَاشَرَ الْعَمَلَ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَحَلَّ النِّزَاعِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ مَثَلًا هَلْ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ مَعَ التَّضْعِيفِ أَوْ بِغَيْرِ تَضْعِيفٍ؟ وَحَدِيثُ الْبَابِ إِنَّمَا يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ وَالْمُشَاطَرَةَ فَافْتَرَقَا.

ثَانِيهِمَا: مَا تَقَدَّمَ مِنَ احْتِمَالِ كَوْنِ لَفَظَةِ نِصْفٍ زَائِدَةٌ.

قُلْتُ: وَلَا حَاجَةَ لِدَعْوَى زِيَادَتِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا فِي الصَّحِيحِ ; وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي تَوْجِيهِهَا أَنَّهَا أُطْلِقَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَجْمُوعِ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ لِلْغَازِي وَالْخَالِفِ لَهُ بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الثَّوَابَ إِذَا انْقَسَمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ. وَأَمَّا مَنْ وَعَدَ بِمِثْلِ ثَوَابِ الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ فِيهِ دَلَالَةٌ أَوْ مُشَارَكَةٌ أَوْ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ فَلَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي عَدَمِ التَّضْعِيفِ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَصَرْفُ الْخَبَرِ عَنْ ظَاهِرِهِ يَحْتَاجُ إِلَى مُسْتَنَدٍ، وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَ الْقَائِلِ أَنَّ الْعَامِلَ يُبَاشِرُ الْمَشَقَّةَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّالِّ وَنَحْوِهِ، لَكِنَّ مَنْ يُجَهِّزُ الْغَازِيَ بِمَالِهِ مَثَلًا وَكَذَا مَنْ يَخْلُفُهُ فِيمَنْ يَتْرُكُ بَعْدَهُ يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنَ الْمَشَقَّةِ أَيْضًا، فَإِنَّ الْغَازِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْغَزْوُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُكْفَى ذَلِكَ الْعَمَلُ فَصَارَ كَأَنَّهُ يُبَاشِرُ مَعَهُ الْغَزْوَ بِخِلَافِ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ مَثَلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَتَكُونُ لَنَا عَوْدَةٌ إِلَى الْبَحْثِ فِي هَذَا الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِل ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي شَرْحِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ هَمَّامٍ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْهُ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هَمَّامٍ