للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ) فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، الْآتِيَةِ قَرِيبًا: كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي، أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: لَنْ تُرَاعَ، خَلِّيَا عَنْهُ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْهَبَا بِهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى إِدْخَالِهِ، فَالتَّقْدِيرُ: أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَيُدْخِلَانِي فِيهَا، فَلَمَّا نَظَرْتُهَا فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ، وَرَأَيْتُ مَنْ فِيهَا وَاسْتَعَذْتُ، فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ) أَيْ مَبْنِيَّةٌ، وَالْبِئْرُ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى تُسَمَّى قَلِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ) هَكَذَا لِلْجُمْهُورِ، وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي نُسْخَةٍ: قَرْنَيْنِ، فَأَعْرَبَهَا بِالْجَرِّ أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مُضَافًا حُذِفَ، وَتُرِكَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَتَقْدِيرُهُ: فَإِذَا لَهَا مِثْلُ قَرْنَيْنِ، وَهُوَ كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) بِالْجَرِّ، أَيْ: يُرِيدُ عَرَضَ الْآخِرَةِ، أَوْ ضَمَّنَ إِذًا الْمُفَاجِأَةَ مَعْنَى الْوِجْدَانِ؛ أَيْ: فَإِذَا بِي وَجَدْتُ لَهَا قَرْنَيْنِ. انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِالْقَرْنَيْنِ هُنَا خَشَبَتَانِ أَوْ بِنَاءَانِ تُمَدُّ عَلَيْهِمَا الْخَشَبَةُ الْعَارِضَةُ الَّتِي تُعَلَّقُ فِيهَا الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِيهَا الْبَكَرَةُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ بِنَاءٍ فَهُمَا الْقَرْنَانِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ فَهُمَا الزَّرْنُوقَانِ - بِزَايٍ مَنْقُوطَةٍ قَبْلَ الْمُهْمَلَةِ، ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ قَافٍ -، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَيْضًا الْقَرْنَانِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فِي غُسْلِ الْمُحْرِمِ فِي بَابِ الِاغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تُرَعْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ؛ أَيْ: لَمْ تُخَفْ، وَالْمَعْنَى لَا خَوْفَ عَلَيْكَ بَعْدَ هَذَا، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي التَّعْبِيرِ لَنْ تُرَاعَ وَهِيَ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ: لَنْ تُرَعْ بِحَذْفِ الْأَلِفِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ - أَيِ: الْجَزْمُ بِلَنْ - حَتَّى قَالَ الْقَزَّازُ: لَا أَعْلَمُ لَهُ شَاهِدًا. وَتُعُقِّبَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَنْ يَخِبِ الْآنَ مِنْ رَجَائِكَ مَنْ … حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الْحَلْقَهْ

وَبِقَوْلِ الْآخَرِ:

وَلَنْ يَحْلُ لِلْعَيْنَيْنِ بَعْدَكَ مَنْظَرٌ

وَزَادَ فِيهِ: إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ بِضْعَةَ عَشَرَ بَابًا بِزِيَادَةٍ فِيهِ وَنُقْصَانٍ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّمَا فَسَّرَ الشَّارِعُ مِنْ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ مَا هُوَ مَمْدُوحٌ؛ لِأَنَّهُ عُرِضَ عَلَى النَّارِ، ثُمَّ عُوفِيَ مِنْهَا، وَقِيلَ لَهُ: لَا رَوْعَ عَلَيْكَ وَذَلِكَ لِصَلَاحِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَحَصَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ ممَا يَتَّقِي بِهِ النَّارَ وَالدُّنُوَّ مِنْهَا، فَلِذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ قِيَامَ اللَّيْلِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى أَنَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَمِنْ حَقِّ الْمَسْجِدِ أَنْ يُتَعَبَّدَ فِيهِ، فَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّخْوِيفِ بِالنَّارِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَ) لَوْ لِلتَّمَنِّي لَا لِلشَّرْطِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ الْجَوَابَ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ يَدْفَعُ الْعَذَابَ، وَفِيهِ تَمَنِّي الْخَيْرِ وَالْعِلْمِ، وَسَيَأْتِي بَاقِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(تَنْبِيهٌ): سِيَاقُ هَذَا الْمَتْنِ عَلَى لَفْظِ مَحْمُودٍ، وَأَمَّا سِيَاقُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَسَيَأْتِي فِي التَّعْبِيرِ، وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ طَرِيقَ مَحْمُودٍ هَذِهِ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْهِ.

٣ - بَاب طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

١١٢٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ Object أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ Object كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُنَادِي لِلصَّلَاةِ.