ذَلِكَ مُرَادًا فَلْيُحْمَلْ عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ الْوَارِدَةِ وَلَا يُحْذَفُ الْمُكَرَّرُ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ حَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا وَلَهُ سِرٌّ يَخُصُّهُ أَوْ يُقْتَصَرُ عَلَى حَذْفِ الْمُكَرَّرِ مِنْ أَسْمَاءِ السُّوَرِ، وَلَوْ تَكَرَّرَتِ الْحُرُوفُ فِيهَا، فَإِنَّ السُّوَرَ الَّتِي ابْتُدِئَتْ بِذَلِكَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ سُورَةً، وَعَدَدُ حُرُوفِ الْجَمِيعِ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ حَرْفًا، وَهِيَ الم سِتَّةٌ، حم سِتَّةٌ، الر خَمْسَةٌ، طسم ثِنْتَانِ، المص المر كهيعص حم عسق طه طس يس ص ق ن، فَإِذَا حُذِفَ مَا كُرِّرَ مِنَ السُّوَرِ وَهِيَ خَمْسٌ مِنَ الم، وَخَمْسٌ مِنْ حم، وَأَرْبَعٌ مِنَ الر، وَوَاحِدَةٌ مِنْ طسم، بَقِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً عَدَدُ حُرُوفِهَا ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ حَرْفًا، فَإِذَا حُسِبَ عَدَدُهَا بِالْجُمَّلِ الْمَغْرِبِيِّ بَلَغَتْ أَلْفَيْنِ وَسِتَّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَأَمَّا بِالْجُمَّلِ الْمَشْرِقِيِّ فَتَبْلُغُ أَلْفًا وَسَبْعَمِائَةِ وَأَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ، وَلَمْ أَذْكُرْ ذَلِكَ لِيُعْتَمَدَ عَلَيْهِ إِلَّا لِأُبَيِّنَ أَنَّ الَّذِي جَنَحَ إِلَيْهِ السُّهَيْلِيُّ لَا يَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ التَّخَالُفِ فِيهِ، وَفِي الْجُمْلَةِ فَأَقْوَى مَا يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلُ، وَقَدْ أَخْرَجَ مَعْمَرٌ فِي الْجَامِعِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قَالَ: الدُّنْيَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا يَوْمٌ مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ لَا يَدْري كَمْ مَضَى وَلَا كَمْ بَقِيَ إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى -، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ حَدِيثَ لَنْ تَعْجِزَ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا نِصْفَ يَوْمٍ عَلَى حَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَزَيَّفَهُ الطِّيبِيُّ
فَأَصَابَ، وَأَمَّا زِيَادَةُ جَعْفَرٍ فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ كَذَّبَهُ الْأَئِمَّةُ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسُقْ سَنَدَهُ بِذَلِكَ، فَالْعَجَبُ مِنَ السُّهَيْلِي كَيْفَ سَكَتَ عَنْهُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِحَالِهِ. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
[٤٠ - باب]
٦٥٠٦ - بَاب حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَاكَ حِينَ ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا.
قَوْلُهُ: (بَابٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ ولِلكُشْمِيهَنِيِّ بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَوَجْهُ تَعَلُّقِهِ بِهِ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ إِشْرَافِ قِيَامِ السَّاعَةِ كَمَا سَأُقَرِّرُهُ.
قَوْلُهُ: (أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْأَعْرَجُ، وَصَرَّحَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا إِلَخْ هَذَا بَعْضُ حَدِيثٍ سَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِتَمَامِهِ، وَفِي أَوَّلِهِ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظْمِيَّتَانِ الْحَدِيثَ. وَذَكَرَ فِيهِ نَحْوَ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا الْجِنْسَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَسَأَذْكُرُ شَرْحَهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ، وَأَقْتَصِرُ هُنَا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قُرْبِ الْقِيَامَةِ خَاصَّةً وَعَامَّةً.
قَالَ الطِّيبِيُّ: الْآيَاتُ أَمَارَاتٌ لِلسَّاعَةِ إِمَّا عَلَى قُرْبِهَا وَإِمَّا عَلَى حُصُولِهَا، فَمِنِ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنُزُولُ عِيسَى وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالْخَسْفُ. وَمِنَ الثَّانِي الدُّخَانُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute