وَقَالَ مُجَاهِدٌ: النُّسُكُ بِمَكَّةَ وَمِنًى، وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ،
وَالصِّيَامُ حَيْثُ شَاءَ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ: الدَّمُ وَالْإِطْعَامُ لِأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالصِّيَامُ حَيْثُ شَاءَ؛ إِذْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِأَهْلِ الْحَرَمِ. وَأَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْجَهْمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الْإِطْعَامَ بِالصِّيَامِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ حَدِيثَ كَعْبٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ نُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٩ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَلا رَفَثَ﴾
١٨١٩ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عن أبي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.
١٠ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾
١٨٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿فَلا رَفَثَ﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ، أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ: بَابُ قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ لَكِنْ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا السَّنَدِ. وَلَيْسَ بَيْنَ السِّيَاقَيْنِ اخْتِلَافٌ إِلَّا فِي قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ: كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَأَبُو حَازِمٍ الْمَذْكُورُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ سَلْمَانُ مَوْلَى عَزَّةَ الْأَشْجَعِيَّةِ، وَصَرَّحَ مَنْصُورٌ بِسَمَاعِهِ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ مِنْ شُعْبَةَ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ تَعْلِيلُ مَنْ أَعَلَّهُ بِالِاخْتِلَافِ عَلَى مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ زَادَ فِيهِ رَجُلًا، فَإِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ حَفِظَهُ فَلَعَلَّهُ حَمَلَهُ مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالٍ، ثُمَّ لَقِيَ أَبَا حَازِمٍ فَسَمِعَهُ مِنْهُ، فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَصَرَّحَ أَبُو حَازِمٍ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَيْضًا عَنْ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ.
وَقَوْلُهُ: كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَيْ: عَارِيًا مِنَ الذُّنُوبِ. وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ: غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ: مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ: مَنْ حَجَّ وَيَجُوزُ حَمْلُ لَفْظِ حَجَّ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَتُسَاوِي رِوَايَةَ: مَنْ أَتَى مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ إِتْيَانَهُ إِنَّمَا هُوَ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِهِ فِي بَابِ فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الرَّفَثِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي آخِرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute