الْبَصَرُ بَصَرُ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ: مَا زَاغَ .. إِلَخْ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْقَائِلَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ﴾ بَصَرُ مُحَمَّدٍ يُقَلِّبُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ﴾ قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ الْمَلَكِ. وَمَسْأَلَةُ الرُّؤْيَةِ مَشْهُورَةٌ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا طَغَى: وَمَا جَاوَزَ مَا رَأَى) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَا بَدَّلَ وَمَا هُوَ بَقِيَّةُ كَلَامِ الْفَرَّاءِ أَيْضًا وَلَفْظُهُ وَمَا جَاوَزَ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْبُطَيْنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ﴾ مَا ذَهَبَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا ﴿وَمَا طَغَى﴾ مَا جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (فَتَمَارَوْا: كَذَّبُوا) كَذَا لَهُمْ، وَلَمْ أَرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَتَمَارَوْا وَإِنَّمَا فِيهَا ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهَا، وَفِي آخِرِهَا تَتَمَارَى، وَلَعَلَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَّاخِ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ﴾ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا تَتَمَارَى تُكَذِّبُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ ظَهَرَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ اخْتَصَرَ كَلَامَ الْفَرَّاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾ قَالَ: فَبِأَيِّ نِعْمَةِ رَبِّكَ تُكَذِّبُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ﴾ كَذَّبُوا بِالنُّذُرِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا هَوَى: غَابَ) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَغْنَى وَأَقْنَى: أَعْطَى فَأَرْضَى) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْنَى قَنَعَ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْدَمَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَقْنَى جَعَلَ لَهُ قِنْيَةً أَيْ أُصُولَ مَالٍ، قَالَ: وَقَالُوا: أَقْنَى أَرْضَى، يُشِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ قِنْيَةٌ مِنَ الرِّضَا.
[١ - باب]
٤٨٥٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ ﵂: يَا أُمَّتَاهْ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ ﷺ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ، مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ الْآيَةَ .. وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ ﵇ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ مُوسَى.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَامِرٍ) هُوَ الشَّعْبِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مَسْرُوقٍ) فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ زِيَادَةُ قِصَّةٍ فِي سِيَاقِهِ، فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَقِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ، كَعْبًا بِعَرَفَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَكَبَّرَ كَعْبٌ حَتَّى جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا بَنُو هَاشِمٍ، فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ: إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ رُؤْيَتَهُ وَكَلَامَهُ هَكَذَا فِي سِيَاقِ التِّرْمِذِيِّ، وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا بَنُو هَاشِمٍ نَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ، فَكَبَّرَ كَعْبٌ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ رُؤْيَتَهُ وَكَلَامَهُ بَيْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ، فَكَلَّمَ مُوسَى مَرَّتَيْنِ وَرَآهُ مُحَمَّدٌ مَرَّتَيْنِ. قَالَ مَسْرُوقٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ؟ الْحَدِيثَ. وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute