للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَالْبِكْرِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِ مِنْ ذِكْرِ وُقُوعِ الْفُجُورِ مِنْهَا، وَأَمَّا ثُبُوتُ الْحَيَاءِ مِنْ أَصْلِ النِّكَاحِ فَلَيْسَتْ فِيهِ كَالْبِكْرِ الَّتِي لَمْ تُجَرِّبْهُ قَطُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِمَنْ قَالَ: إِنَّ لِلثَّيِّبِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَلَكِنَّهَا لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا، بَلْ تَجْعَلُ أَمْرَهَا إِلَى رَجُلٍ فَيُزَوِّجُهَا، حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ، عَنْ دَاوُدَ، وَتَعَقَّبَهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا أَمَرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَلَا يُجْبِرُهَا، فَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ لَمْ يَجُزْ لَهَا إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا.

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ إِذَا أَعْلَنَتْ بِالْمَنْعِ لَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ، وَإِنْ أَعْلَنَتْ بِالرِّضَا فَيَجُوزُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَشَذَّ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا وُقُوفًا عِنْدَ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَإِذْنُهَا أَنْ تَسْكُتَ

٤٢ - بَاب إِذَا زَوَّجَ الرجل ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ

٥١٣٨ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَرَدَّ نِكَاحَهَا.

[الحديث ٥١٣٨ - أطرافه في: ٥١٣٩، ٦٩٤٥، ٦٩٦٩]

٥١٣٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَجُلًا يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ نَحْوَهُ"

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ) هَكَذَا أَطْلَقَ، فَشَمِلَ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ، لَكِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ مُصَرَّحٌ فِيهِ بِالثِّيُوبَةِ، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ، وَرَدُّ النِّكَاحِ إِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَزُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا إِجْمَاعٌ، إِلَّا مَا نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَجَازَ إِجْبَارَ الْأَبِ لِلثَّيِّبِ وَلَوْ كَرِهَتْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَنِ النَّخَعِيِّ إِنْ كَانَتْ فِي عِيَالِهِ جَازَ وَإِلَّا رُدَّ، وَاخْتَلَفُوا إِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ أَجَازَتْهُ جَازَ، وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ أَجَازَتْهُ عَنْ قُرْبٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَرَدَّهُ الْبَاقُونَ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَمُجَمِّعٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّقِيلَةِ ثُمَّ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ.

قَوْلُهُ: (ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ) بِالْجِيمِ؛ أَيِ ابْنِ عَامِرِ بْنِ الْعَطَّافِ الْأَنْصَارِيِّ الْأَوْسِيِّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ، وَأَخْرَجَ لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: إِنَّ لِمُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ صُحْبَةً ولَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الصُّحْبَةُ لِعَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ، وَلَيْسَ لِمُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ قَرَنَهُ فِيهِ بِأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ فِيمَا جَزَمَ بِهِ الْعَسْكَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَخُو عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِأُمِّهِ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ الْقَضَاءَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ يَعْنِي لَمَّا كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.

وَقَدْ وَافَقَ مَالِكًا عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْهُمَا فِي وَصْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ خَنْسَاءَ، وَفِي إِرْسَالِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ أَنَّ خَنْسَاءَ زُوِّجَتْ، وَكَذَا اخْتَلَفُوا عَنْهُمَا فِي نَسَبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَ يَزِيدَ، وَقَالَ