النَّفَاقِ بِفَتْحِ النُّونِ وَهُوَ الرَّوَاجُ ضِدُّ الْكَسَادِ، وَالسِّلْعَةُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمَتَاعُ، وَقَوْلُهُ: مَمْحَقَةٌ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَزْنُ الْأَوَّلِ، وَحَكَى عِيَاضٌ ضَمَّ أَوَّلِهِ وَكَسْرَ الْحَاءِ، وَالْمَحْقُ النَّقْصُ وَالْإِبْطَالُ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يُشَدِّدُونَهَا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَلِذَلِكَ صَحَّ خَبَرًا عَنِ الْحَلِفِ. وَفِي مُسْلِمٍ الْيَمِينُ، وَلِأَحْمَدَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ وَهِيَ أَوْضَحُ، وَهُمَا فِي الْأَصْلِ مَصْدَرَانِ مَزِيدَانِ مَحْدُودَانِ بِمَعْنَى النِّفَاقِ وَالْمَحْقِ.
قَوْلُهُ: (لِلْبَرَكَةِ) تَابَعَهُ عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ يُونُسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي صَفْوَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: لِلرِّبْحِ وَتَابَعَهُمَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ وَتَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَمَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى تَرْجِيحِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى اللَّيْثِ كَمَا اخْتُلِفَ عَلَى يُونُسَ، وَوَقَعَ لِلْمِزِّيِّ فِي الْأَطْرَافِ فِي نِسْبَةِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لِمَنْ خَرَّجَهَا وَهَمٌ يُعْرَفُ مِمَّا حَرَّرْتُهُ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ الْبَابِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّ الرِّبَا الزِّيَادَةُ وَالْمَحْقَ النَّقْصُ فَقَالَ: كَيْفَ تَجْتَمِعُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ؟ فَأَوْضَحَ الْحَدِيثُ أَنَّ الْحَلِفَ الْكَاذِبَ وَإِنْ زَادَ فِي الْمَالِ فَإِنَّهُ يَمْحَقُ الْبَرَكَةَ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ أَيْ: يَمْحَقُ الْبَرَكَةَ مِنَ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الرِّبَا وَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ زَائِدًا لَكِنَّ مَحْقَ الْبَرَكَةِ يُفْضِي إِلَى اضْمِحْلَالِ الْعَدَدِ فِي الدُّنْيَا كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِلَى اضْمِحْلَالِ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي.
٢٧ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ
٢٠٨٨ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ﵁ أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾
[الحديث ٢٠٨٨ - طرفاه في: ٢٦٧٥، ٤٥٥١]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ: مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ كَذِبًا فَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَإِنْ كَانَ صِدْقًا فَتَنْزِيهٌ. وَفِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَالزَّايِ مَرْفُوعًا: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ عَنِ الْعَوَّامِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ السَّبَبَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ خَاصٌّ وَالتَّرْجَمَةَ عَامَّةٌ، لَكِنَّ الْعُمُومَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ: وَأَيْمَانِهِمْ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا يُقَوِّي حَمْلَهُ عَلَى الْعُمُومِ.
٢٨ - باب مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ. وَقَالَ طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ. فَقَالَ: إِلَّا الْإِذْخِرَ.
٢٠٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ﵄ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنْ الْمَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنْ الْخُمْسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute