أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَقْسِمُ تَمْرًا مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ وَالْحَسَنُ فِي حِجْرِهِ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
قَوْلُهُ: (فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ) زَادَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ: فَلَمْ يَفْطِنْ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى قَامَ وَلُعَابُهُ يَسِيلُ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ شِدْقَهُ. وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: فَلَمَّا فَرَغَ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَسَالَ لُعَابُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا تَمْرَةٌ فِي فِيهِ.
قَوْلُهُ: (كَخْ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا وَمُخَفَّفًا، وَبِكَسْرِ الْخَاءِ مُنَوَّنَةٌ وَغَيْرُ مُنَوَّنَةٍ، فَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ سِتُّ لُغَاتٍ، وَالثَّانِيَةُ تَوْكِيدٌ لِلْأُولَى، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِرَدْعِ الصَّبِيِّ عِنْدَ تَنَاوُلِهِ مَا يُسْتَقْذَرُ، قِيلَ: عَرَبِيَّةٌ، وَقِيلَ: أَعْجَمِيَّةٌ، وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا مُعَرَّبَةٌ، وَقَدْ أَوْرَدَهَا الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (لِيَطْرَحْهَا) زَادَ مُسْلِمٌ ارْمِ بِهَا وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ يَلُوكُ تَمْرَةً فَحَرَّكَ خَدَّهُ، وَقَالَ: أَلْقِهَا يَا بُنَيَّ، أَلْقِهَا يَا بُنَيَّ. وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: كَخْ كَخْ. بِأَنَّهُ كَلَّمَهُ أَوَّلًا بِهَذَا، فَلَمَّا تَمَادَى قَالَ لَهُ: كَخْ كَخْ إِشَارَةً إِلَى اسْتِقْذَارِ ذَلِكَ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ الْعَكْسُ بِأَنْ يَكُونَ كَلَّمَهُ أَوَّلًا بِذَلِكَ فَلَمَّا تَمَادَى نَزَعَهَا مِنْ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ. وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ. وَكَذَا عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ نَفْسِهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَرَّ عَلَى جَرِينٍ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ تَمْرَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي فِيَّ فَأَخَذَهَا بِلُعَابِهَا، فَقَالَ: إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ. وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. وَلِلطَّبَرَانِيِّ، وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ نَحْوُهُ، وَفِي الْحَدِيثِ دَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْإِمَامِ، وَالِانْتِفَاعُ بِالْمَسْجِدِ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ، وَجَوَازُ إِدْخَالِ الْأَطْفَالِ الْمَسَاجِدَ وَتَأْدِيبِهِمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ، وَمَنْعِهِمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ، وَمِنْ تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ لِيَتَدَرَّبُوا بِذَلِكَ. وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ مَنْعَ وَلِيِّ الصَّغِيرَةِ إِذَا اعْتَدَّتْ مِنَ الزِّينَةِ، وَفِيهِ الْإِعْلَامُ بِسَبَبِ النَّهْيِ وَمُخَاطَبَةِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ لِقَصْدِ إِسْمَاعِ مَنْ يُمَيِّزُ، لِأَنَّ الْحَسَنَ إِذْ ذَاكَ كَانَ طِفْلًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَمَا شَعَرْتَ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ: أَمَا تَعْرِفُ وَلِمُسْلِمٍ: أَمَا عَلِمْتَ فَهُوَ شَيْءٌ يُقَالُ عِنْدَ الْأَمْرِ الْوَاضِحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ عَالِمًا، أَيْ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْكَ هَذَا مَعَ ظُهُورِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَفْعَلْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِ فَوَائِدِهِ قَبْلَ بَابَيْنِ.
٦١ - بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ
١٤٩٢ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: وَجَدَ النَّبِيُّ ﷺ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.
[الحديث ١٤٩٢ - أطرافه في: ٢٢٢١، ٥٠٣١، ٥٠٣٢]
١٤٩٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ "أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلَاءَهَا فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: "اشْتَرِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالَتْ وَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِلَحْمٍ فَقُلْتُ هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute