أَوِ الْمُمَوَّهُ وَهُوَ الْمَطْلِيُّ فَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ مَنْ شَرِبَ فِي آنِيَّةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْرَبُ مِنْ قَدَحٍ فِيهِ حَلْقَةُ فِضَّةٍ وَلَا ضَبَّةُ فِضَّةٍ، وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ تَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ، ثُمَّ رَخَّصَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ.
قَالَ مُغَلْطَايْ: لَا يُطَابِقُ الْحَدِيثُ التَّرْجَمَةَ إِلَّا إِنْ كَانَ الْإِنَاءُ الَّذِي سَقَى فِيهِ حُذَيْفَةَ كَانَ مُضَبَّبًا فَإِنَّ الضَّبَّةَ مَوْضِعُ الشَّفَةِ عِنْدَ الشُّرْبِ، وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ لَفْظَ مُفَضَّضٍ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ فِضَّةٌ لَكِنَّهُ يَشْمَلُ مَا إِذَا كَانَ مُتَّخَذًا كُلُّهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَالنَّهْيُ عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَّةِ الْفِضَّةِ يَلْحَقُ بِهِ الْأَكْلُ لِلْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ فَيُطَابِقُ الْحَدِيثُ التَّرْجَمَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٠ - بَاب ذِكْرِ الطَّعَامِ
٥٤٢٧ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ: لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ: لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ.
٥٤٢٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.
٥٤٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ: يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ.
قَوْلُهُ (بَابُ ذِكْرِ الطَّعَامِ) ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ.
أَحَدُهَا: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَكْرَارُ ذِكْرِ الطَّعْمِ فِيهِ، وَالطَّعَامُ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الطَّعْمِ.
ثَانِيهَا: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ، وَقَدْ مَضَى التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ قَرِيبًا وَذُكِرَ فِيهِ الطَّعَامُ.
ثَالِثُهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ فِيهِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ بَعْدَ كِتَابِ الْحَجِّ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مَعْنَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِبَاحَةُ أَكْلِ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، وَأَنَّ الزُّهْدَ لَيْسَ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنَّ تَشْبِيهَ الْمُؤْمِنِ بِمَا طَعْمُهُ طَيِّبٌ وَتَشْبِيهَ الْكَافِرِ بِمَا طَعْمُهُ مُرٌّ تَرْغِيبًا فِي أَكْلِ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوِ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَ السَّلَفُ الْإِدْمَانَ عَلَى أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ خَشْيَةَ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ عَادَةً فَلَا تَصْبِرُ النَّفْسُ عَلَى فَقْدِهَا. قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْآدَمِيَّ لَا بُدَّ لَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ طَعَامٍ يُقِيمُ بِهِ جَسَدَهُ وَيَقْوَى بِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَبَلَ النُّفُوسَ عَلَى ذَلِكَ لِقَوَامِ الْحَيَاةِ، لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ إِيثَارِهِ أَمْرَ الْآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا. وَزَعَمَ مُغَلْطَايْ أَنَّ ابْنَ بَطَّالٍ قَالَ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا مَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّعَامِ، قَالَ مُغَلْطَايْ: قَوْلُهُ لَيْسَ