للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٥ - بَاب بَيْعَةِ الْأَعْرَابِ

٧٢٠٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَهُ وَعْكٌ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى فَخَرَجَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا، وَتنْصَعُ طِيبُهَا.

قَوْلُهُ: بَابُ بَيْعَةِ الْأَعْرَابِ أَيْ: مُبَايَعَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا) تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى اسْمِهِ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ أَوَاخِرَ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْإِسْلَامِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ طَلَبَهُ الْإِقَالَةَ كَانَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَوَارِضِهِ كَالْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاجِبَةً، وَوَقَعَ الْوَعِيدُ عَلَى مَنْ رَجَعَ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ قَرِيبًا وَالْوَعْكُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ بَعْدَهَا كَافٌ الْحُمَّى، وَقِيلَ: أَلَمُهَا، وَقِيلَ: أرْعَادُهَا. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَصْلُهُ شِدَّةُ الْحَرِّ، فَأُطْلِقَ عَلَى حَرِّ الْحُمَّى وَشِدَّتِهَا.

قَوْلُهُ: (أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى) تَقَدَّمَ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ أَعَادَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَكَذَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ.

قَوْلُهُ: فَخَرَجَ أَيْ مِنَ الْمَدِينَةِ رَاجِعًا إِلَى الْبَدْوِ.

قَوْلُهُ: الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ إِلَخْ ذَكَرَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الْأَسْبَابِ لَهُ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الْمَدِينَةِ تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ قَالَهُ فِي قِصَّةِ الَّذِينَ رَجَعُوا عَنِ الْقِتَالِ مَعَهُ يَوْمَ أُحُدٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي.

قَوْلُهُ: تَنْفِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (خَبَثَهَا) بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَتَنْصَعُ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا امْتَنَعَ النَّبِيُّ مِنْ إِقَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، لِأَنَّ الْبَيْعَةَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ كَانَتْ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا بِإِذْنٍ فَخُرُوجُهُ عِصْيَانٌ. قَالَ: وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَرْضًا قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ وَمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ مُوَالَاةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَالَ : لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِأَنَّ مُبَايَعَةَ الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورِ كَانَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ ذَمُّ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَسَكَنُوا غَيْرَهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْفُضَلَاءِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَذْمُومَ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا كَرَاهَةً فِيهَا وَرَغْبَةً عَنْهَا، كَمَا فَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ فَإِنَّمَا خَرَجُوا لِمَقَاصِدَ صَحِيحَةٍ كَنَشْرِ الْعِلْمِ وَفَتْحِ بِلَادِ الشِّرْكِ وَالْمُرَابَطَةِ فِي الثُّغُورِ وَجِهَادِ الْأَعْدَاءِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى اعْتِقَادِ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَفَضْلِ سُكْنَاهَا، وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٤٦ - بَاب بَيْعَةِ الصَّغِيرِ

٧٢١٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ ابِنْة حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ : هُوَ صَغِيرٌ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ.