الصَّرْفِ وَقَدْ يُصْرَفُ.
قَوْلُهُ: (فَاقْضِي) الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ هُنَا الْأَدَاءُ، وَهُمَا فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ) زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ حَتَّى تَطْهُرِي وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِأَحْوَالِ الْحَجِّ لَا بِجَمِيعِ أَحْوَالِ الْمَرْأَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢ - بَاب غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ
٢٩٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا حَائِضٌ.
[الحديث ٢٩٥ - أطرافه في: ٢٩٢٥، ٢٠٤٦، ٢٠٣١، ٢٠٢٩، ٢٠٢٨، ٣٠١، ٢٩٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى غَسْلٍ، أَيْ تَسْرِيحِ شَعْرِ رَأْسِهِ.
والْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِمَا تُرْجِمَ لَهُ مِنْ جِهَةِ التَّرْجِيلِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْغَسْلُ قِيَاسًا، أَوْ إِشَارَةً إِلَى الطَّرِيقِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذَاتَ الْحَائِضِ طَاهِرَةٌ، وَعَلَى أَنَّ حَيْضَهَا لَا يَمْنَعُ مُلَامَسَتَهَا.
٢٩٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِي الْحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّي الْمَرْأَةُ وَهِيَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: كُلُّ ذَلِكَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِي وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ تَعْنِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ حَائِضٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ يُدْنِي لَهَا رَأْسَهُ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا، فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) وَفِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ لَطِيفَةٌ، وَهِيَ اتِّفَاقُ اسْمِ شَيْخِ الرَّاوِي وَتِلْمِيذِهِ، مِثَالُهُ هَذَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامٍ وَعَنْهُ هِشَامٌ، فَالْأَعْلَى ابْنُ عُرْوَةَ وَالْأَدْنَى ابْنُ يُوسُفَ، وَهُوَ نَوْعٌ أَغْفَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ.
قَوْلُهُ: (مُجَاوِرٌ) أَيْ مُعْتَكِفٌ، وَثَبَتَ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيُّ فِي الْأَصْلِ، وَحُجْرَةُ عَائِشَةُ كَانَتْ مُلَاصِقَةً لِلْمَسْجِدِ، وَأَلْحَقَ عُرْوَةُ الْجَنَابَةَ بِالْحَيْضِ قِيَاسًا، وَهُوَ جَلِيٌّ ; لِأَنَّ الِاسْتِقْذَارَ بِالْحَائِضِ أَكْثَرُ مِنَ الْجُنُبِ، وَأَلْحَقَ الْخِدْمَةَ بِالتَّرْجِيلِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى طَهَارَةِ بَدَنِ الْحَائِضِ وَعَرَقِهَا، وَأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْمَمْنُوعَةَ لِلْمُعْتَكِفِ هِيَ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ، وَأَنَّ الْحَائِضَ لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُطْلَقًا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ، كَذَا قَالَ. وَلَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُضُوءُ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَقَّبَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِالصَّلَاةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فَمَسُّ الشَّعْرِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣ - بَاب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ
وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلَاقَتِهِ
٢٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ سَمِعَ زُهَيْرًا، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
[الحديث ٢٩٧ - طرفه في: ٧٥٤٩]