للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ لِإِلْحَاقِ بَنِي الْمُطَّلِبِ بِهِمْ، وَقِيلَ هُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهَا لَكِنْ يُعْطِي الْإِمَامُ مِنْهُمْ مَنْ يَرَاهُ، وَبِهَذَا قَالَ أَصْبَغُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، وَفِيهِ تَوْهِينُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ إِنَّمَا أَعْطَاهُمْ بِعِلَّةِ الْحَاجَةِ إِذْ لَوْ أَعْطَاهُمْ بِعِلَّةِ الْحَاجَةِ لَمْ يَخُصَّ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ بِسَبَبِ النُّصْرَةِ وَمَا أَصَابَهُمْ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمِهِمُ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا، وَالْمُلَخَّصُ أَنَّ الْآيَةَ نَصَّتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ قُرْبَى النَّبِيِّ وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ لِأَنَّهُ شَقِيقٌ، وَفِي بَنِي نَوْفَلٍ إِذَا لَمْ تُعْتَبَرْ قَرَابَةُ الْأُمِّ. وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي سَبَبِ إِخْرَاجِهِمْ فَقِيلَ: الْعِلَّةُ الْقَرَابَةُ مَعَ النُّصْرَةِ فَلِذَلِكَ دَخَلَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يَدْخُلْ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو نَوْفَلٍ لِفِقْدَانِ جُزْءِ الْعِلَّةِ أَوْ شَرْطِهَا ; وَقِيلَ: الِاسْتِحْقَاقُ بِالْقَرَابَةِ، وَوُجِدَ بِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ مَانِعٌ لِكَوْنِهِمُ انْحَازُوا عَنْ بَنِي هَاشِمٍ وَحَارَبُوهُمْ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الْقُرْبَى عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ خُمُسَ الْخُمُسِ يُقْسَمُ بَيْنَ ذَوِي الْقُرْبَى لَا يُفَضَّلُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، وَأَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. قُلْتُ: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ لَا إِثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ قَسَمَ خُمُسَ الْخُمُسِ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَفْضِيلٍ وَلَا عَدَمِهِ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فَالْأَصْلُ فِي الْقِسْمَةِ إِذَا أُطْلِقَتِ التَّسْوِيَةُ وَالتَّعْمِيمُ، فَالْحَدِيثُ إِذًا حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ لَا عَلَيْهِ. وَيُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إِلَى التَّعْمِيمِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ نَائِبَهُ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ يَضْبِطُ مَنْ فِيهِ وَيَجُوزُ النَّقْلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ لِلْحَاجَةِ، وَقِيلَ لَا بَلْ يَخْتَصُّ كُلُّ نَاحِيَةٍ بِمَنْ فِيهَا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِكَيْفِيَّةِ الْقَسْمِ، لَكِنَّ ظَاهِرَهُ التَّسْوِيَةُ وَبِهَا قَالَ الْمُزَنِيُّ وَطَائِفَةٌ، فَيَحْتَاجُ مَنْ جَعَلَ سَبِيلَهُ سَبِيلَ الْمِيرَاثِ إِلَى دَلِيلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى تَعْمِيمِ ذَوِي الْقُرْبَى فِي قِسْمَةِ سَهْمِهِمْ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْيَتَامَى فَيَخُصُّ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَعَنْ مَالِكٍ يَعُمُّهُمْ فِي الْإِعْطَاءِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَخُصُّ الْفُقَرَاءَ مِنَ الصِّنْفَيْنِ، وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ لَمَّا مُنِعُوا الزَّكَاةَ عُمُّوا بِالسَّهْمِ وَلِأَنَّهُمْ أُعْطُوا بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ إِكْرَامًا لَهُمْ، بِخِلَافِ الْيَتَامَى فَإِنَّهُمْ أُعْطُوا لِسَدِّ الْخُلَّةِ.

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ، فَإِنَّ ذَوِي الْقُرْبَى لَفْظٌ عَامٌّ خُصَّ بِبَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَمْ يُنْقَلِ اقْتِرَانٌ إِجْمَالِيٌّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

١٨ - بَاب مَنْ لَمْ يُخَمِّسْ الْأَسْلَابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ وَحُكْمِ الْإِمَامِ فِيهِ

٣١٤١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا