٢٠ - بَاب اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ
٥٠٢٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآناء النَّهَارِ.
[الحديث ٥٠٢٥ - طرفه في: ٧٥٢٩]
٥٠٢٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: " لَا حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ".
[الحديث ٥٠٢٦ - طرفاه في: ٧٢٣٣، ٧٥٢٨]
قَوْلُهُ: (بَابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِلْمِ بَابُ الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ تَفْسِيرَ الْغِبْطَةِ، وَالْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَسَدِ، وَأَنَّ الْحَسَدَ فِي الْحَدِيثِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا مَجَازًا، وَذَكَرْتُ كَثِيرًا مِنْ مَبَاحِثِ الْمَتْنِ هُنَاكَ. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هُنَا تَرْجَمَةُ الْبَابِ اغْتِبَاطُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ وَهَذَا فِعْلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ فَهُوَ الَّذِي يَغْتَبِطُ وَإِذَا كَانَ يَغْتَبِطُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسَرُّ وَيَرْتَاحُ بِعَمَلِ نَفْسِهِ، وَهَذَا لَيْسَ مُطَابِقًا. قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمَّا كَانَ دَالًّا عَلَى أَنَّ غَيْرَ صَاحِبِ الْقُرْآنِ يَغْتَبِطُ صَاحِبَ الْقُرْآنِ بِمَا أُعْطِيَهُ مِنَ الْعَمَلِ بِالْقُرْآنِ فَاغْتِبَاطُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ بِعَمَلِ نَفْسِهِ أَوْلَى إِذَا سَمِعَ هَذِهِ الْبِشَارَةَ الْوَارِدَةَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ.
قَوْلُهُ: (لَا حَسَدَ) أَيْ لَا رُخْصَةَ فِي الْحَسَدِ إِلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ، أَوْ لَا يَحْسُنُ الْحَسَدُ إِنْ حَسُنَ، أَوْ أَطْلَقَ الْحَسَدَ مُبَالَغَةً فِي الْحَثِّ عَلَى تَحْصِيلِ الْخَصْلَتَيْنِ كَأَنَّهُ قِيلَ: لَوْ لَمْ يَحْصُلَا إِلَّا بِالطَّرِيقِ الْمَذْمُومِ لَكَانَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ حَامِلًا عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا بِهِ فَكَيْفَ وَالطَّرِيقُ الْمَحْمُودُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُمَا بِهِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ فَإِنَّ حَقِيقَةَ السَّبْقِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْمَطْلُوبِ.
قَوْلُهُ: (إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَاضِي وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ تِلْوَ هَذَا إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ تَقُولُ حَسَدْتُهُ عَلَى كَذَا أَيْ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ لَهُ، وَأَمَّا حَسَدْتُهُ فِي كَذَا فَمَعْنَاهُ حَسَدْتُهُ فِي شَأْنِ كَذَا وَكَأَنَّهَا سَبَبِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ) كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَفِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ بِهِ الْعَمَلُ بِهِ تِلَاوَةً وَطَاعَةً.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الْوَاسِطِيُّ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَاسْمُ جَدِّهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ الْيَشْكُرِيُّ، وَهُوَ ثقة مُتْقِنٌ، عَاشَ بَعْدَ الْبُخَارِيِّ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: ابْنُ أشْكَابَ وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أشْكَابَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ عَدِيٍّ. وَقِيلَ: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ قَوْلُ