للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِيمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا. وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمُنْقَطِعَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الِاجْتِهَادِ حَتَّى صَحَّ عِنْدَهُ النَّقْلُ بِصِحَّةِ الِاشْتِرَاكِ فَأَفْتَى بِهِ أَبَا جَمْرَةَ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الطَّعْنِ فِي رِوَايَةِ مَنْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَوْثِيقِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَتِهِ وَهُوَ أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى التَّشْرِيكَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لَمَّا بَلَغَتْهُ السُّنَّةُ. قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ قُلْتُ: الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ؟ قَالَ: يَا شَعْبِيُّ وَلَهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ؟ قَالَ قُلْتُ: فَإِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَنَّ الْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ. قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِرَجُلٍ: أَكَذَلِكَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا شَعَرْتُ بِهَذَا. وَأَمَّا تَأْوِيلُ إِسْمَاعِيلَ لِحَدِيثِ جَابِرٍ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَلَا يَدْفَعُ الِاحْتِجَاجَ بِالْحَدِيثِ، بَلْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ قَالَ: فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ وَنَجْمَعَ النَّفَرَ مِنَّا فِي الْهَدِيَّةِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ أَصْلِ الِاشْتِرَاكِ، وَاتَّفَقَ مَنْ قَالَ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي أَكْثَرِ مِنْ سَبْعَةٍ إِلَّا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ: تُجْزِئُ عَنْ عَشَرَةٍ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ فِي صَحِيحِهِ وَقَوَّاهُ وَاحْتَجَّ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: أَنَّهُ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ.

الْحَدِيثَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الشَّاةَ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ شَاةٌ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْهُمْ وَرُوِيَا بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَوَافَقَهُمَا الْقَاسِمُ وَطَائِفَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي: الْأَحْكَامِ لَهُ: أَظُنُّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ فَذَهَبُوا إِلَى تَخْصِيصِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبُدْنِ، قَالَ: وَيَرُدُّ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾

وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ فِي الظَّبْيِ شَاةً فَوَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ هَدْيٍ. قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْهَدْيُ شَاةٌ. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فقَالَ: أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا تَقْوَوْنَ بِهِ، مَا فِي الظَّبْيِ؟ قَالُوا: شَاةٌ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾.

قَوْلُهُ: (وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ) قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ: تَفَرَّدَ النَّضْرُ بِقَوْلِهِ مُتْعَةٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ رَوَاهُ عَنْهُ إِلَّا قَالَ عُمْرَةٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ أَصْحَابُ شُعْبَةَ كُلُّهُمْ: عُمْرَةٌ، إِلَّا النَّضْرَ فَقَالَ: مُتْعَةٌ. قُلْتُ: وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى هَذَا بِمَا عَلَّقَهُ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ آدَمُ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَغُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ عُمْرَةٌ إِلَخْ) أَمَّا طَرِيقُ آدَمَ فَوَصَلَهَا عَنْهُ فِي: بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَأَمَّا طَرِيقُ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَوَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ وَهْبٍ، وَأَمَّا طَرِيقُ غُنْدَرٍ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَبُنْدَارٍ كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ.

١٠٣ - بَاب رُكُوبِ الْبُدْنِ لِقَوْلِهِ [٣٦ الحج] ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتْ الْبُدْنَ لِبُدْنِهَا وَالْقَانِعُ: السَّائِلُ وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ وَشَعَائِرُ الله: اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا وَالْعَتِيقُ: عِتْقُهُ مِنْ