للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَعْنَى لَا حَوْلَ: لَا حِيلَةَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هِيَ كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةٌ فِي جَلْبِ خَيْرٍ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى.

وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الدَّعَوَاتِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ، لَكِنْ فِيهِ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بَدَلَ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ الْمَذْكُورِ هُنَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ - وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - فِيهِ شَيْخَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزَاةٍ) تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي بَيَانٌ أَنَّهَا غَزْوَةُ خَيْبَرَ.

قَوْلُهُ: إِلَّا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ، فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الْمَذْكُورَةِ: فَلَمَّا عَلَا عَلَيْهَا رَجُلٌ نَادَى فَرَفَعَ صَوْتَهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ، وَيُجْمَعُ بِأَنَّ الْكُلَّ كَبَّرُوا، وَزَادَ هَذَا عَلَيْهِمْ بِالتَّهْلِيلِ، وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.

قَوْلُهُ: (اِرْبَعُوا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيِ: ارْفُقُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَائِلِ الدُّعَاءِ، قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ: رَبَعَ الرَّجُلُ يَرْبَعُ إِذَا رَفَقَ وَكَفَّ، وَكَذَا بَقِيَّةُ أَلْفَاظِهِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: كَانَ مُعَلِّمًا لِأُمَّتِهِ، فَلَا يَرَاهُمْ عَلَى حَالَةٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا أَحَبَّ لَهُمُ الزِّيَادَةَ، فَأَحَبَّ لِلَّذِينَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَالتَّكْبِيرِ أَنْ يُضِيفُوا إِلَيْهَا التَّبَرِّيَ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، فَيَجْمَعُوا بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ اللَّهُ: أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ. قُلْتُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَ لِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: تَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. فَيَقُولُ اللَّهُ: أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ. وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَلَا مَنْجَا وَلَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا مِنْ ذَخَائِرِ الْجَنَّةِ أَوْ مُحَصِّلَاتِ نَفَائِسِ الْجَنَّةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهُا يُحَصِّلُ ثَوَابًا نَفِيسًا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ النَّبِيَّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَى نَبِيَّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ أَنْ يُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ، قَالَ: وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

قَوْلُهُ: (لَا تَدْعُونَ) كَذَا أَطْلَقَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ دُعَاءً مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ بِمَعْنَى النِّدَاءِ، لِكَوْنِ الذَّاكِرِ يُرِيدُ إِسْمَاعَ مَنْ ذَكَرَهُ وَالشَّهَادَةَ لَهُ.

٨ - بَاب الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ

عَاصِمٌ: مَانِعٌ

قَالَ مُجَاهِدٌ: سَدًّا عَنْ الْحَقِّ: يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلَالَةِ، ﴿دَسَّاهَا﴾ أَغْوَاهَا

٦٦١١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ.

[الحديث ٦٦١١ - طرفه في: ٧١٩٨]

قَوْلُهُ (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ) أَيْ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ بِأَنْ حَمَاهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْهَلَاكِ أَوْ مَا يَجُرُّ إِلَيْهِ، يُقَالُ: عَصَمَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ: وَقَاهُ وَحَفِظَهُ، وَاعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ لَجَأْتُ إِلَيْهِ، وَعِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمُ