للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دُعَاءِ النَّبِيِّ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ، وَكَذَا عِنْدَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ - مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَخْتَصَّ هَذِهِ الدَّعْوَةُ بِالْمُدِّ الَّذِي كَانَ حِينَئِذٍ حَتَّى لَا يَدْخُلَ الْمُدُّ الْحَادِثُ بَعْدَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَعُمَّ كُلَّ مِكْيَالٍ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْأَبَدِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، كَذَا قَالَ، وَكَلَامُ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ يَجْنَحُ إِلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَدْ تَغَيَّرَتِ الْمَكَايِيلُ فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ عَصْرِ مَالِكٍ وَإِلَى هَذَا الزَّمَانِ، وَقَدْ وُجِدَ مِصْدَاقُ الدَّعْوَةِ بِأَنْ بُورِكَ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ بِحَيْثُ اعْتَبَرَ قَدْرَهُمَا أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَمُقَلِّدُوهُمْ إِلَى الْيَوْمِ فِي غَالِبِ الْكَفَّارَاتِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُهَلَّبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٦ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ وَأَيُّ الرِّقَابِ أَزْكَى؟

٦٧١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ، قَالَ: مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الرَّقَبَةَ فِي آيَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُطْلَقَةٌ بِخِلَافِ آيَةِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، فَإِنَّهَا قُيِّدَتْ بِالْإِيمَانِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: حَمَلَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا حَمَلُوا الْمُطْلَقَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ وَخَالَفَ الْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا: يَجُوزُ إِعْتَاقُ الْكَافِرِ، وَوَافَقَهُمْ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاحْتَجَّ لَهُ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ مُغَلَّظَةٌ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَمِنْ ثَمَّ اشْتُرِطَ التَّتَابُعُ فِي صِيَامِ الْقَتْلِ دُونَ الْيَمِينِ.

قَوْلُهُ: وَأَيُّ الرِّقَابِ أَزْكَى؟ يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الْمَاضِي فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَفِيهِ: قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَغْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ بِذَلِكَ إِلَى مُوَافَقَةِ الْكُوفِيِّينَ ; لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ الْفَضْلَ فِي عِتْقِ الْمُؤْمِنَةِ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَجَالِ النَّظَرِ، فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِذَا وَجَبَ عِتْقُ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَانَ الْأَخْذُ بِالْأَفْضَلِ أَحْوَطَ، وَإِلَّا كَانَ الْمُكَفِّرُ بِغَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ عَلَى شَكٍّ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. قَالَ: وَهَذَا أَقْوَى مِنَ الِاسْتِشْهَادِ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ ابْنِ مُرْجَانَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةً لِسَعِيدِ ابْنِ مُرْجَانَةَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَيِ: ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْمُلَقَّبِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا أَيْضًا، وَكَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدِ ابْنِ مُرْجَانَةَ وَعَمِلَ بِهِ حَدَّثَ بِهِ عَنْ سَعِيدٍ، فَسَمِعَهُ مِنْهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَابِ زِيَادَةٌ فِي آخِرِهِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ وَحَتَّى هُنَا عَاطِفَةٌ لِوُجُودِ شَرَائِطِ الْعَطْفِ فِيهَا، فَيَكُونُ فَرْجُهُ بِالنَّصْبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيَانُ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ هُنَاكَ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ شَيْخِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَقَدْ نَزَلَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ دَرَجَتَيْنِ، فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدَ بْنَ مُطَرِّفٍ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ فِي كِتَابِهِ رَاوِيًا وَاحِدًا كَسَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ فِي الصِّيَامِ وَالنِّكَاحِ وَالْأَشْرِبَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَعَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ فِي الْبُيُوعِ