وَذَكَرْتُ أَنَّ فِيهِ غُمُوضًا، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ، إِشْعَارًا بَعِيدًا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَمِدُونَ قَوْلَ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ حُكْمِهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ، وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَبْوَابٍ التَّصْرِيحُ بِالِاكْتِفَاءِ فِي شُهَدَاءِ التَّزْكِيَةِ بِوَاحِدٍ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ هُنَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ.
قَوْلُهُ: (شَهَادَةُ الْقَوْمِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مَقْبُولَةٌ، أَوْ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ شَهَادَةُ الْقَوْمِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ شَهَادَةً بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ نَاصِبٍ.
قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَالْمُؤْمِنُونَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ شُهَدَاءُ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ: شَهَادَةُ الْقَوْمِ الْمُؤْمِنِينَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَشُهَدَاءُ عَلَى هَذَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هُمْ شُهَدَاءُ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِرَفْعِ الْقَوْمِ. فَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِتَنْوِينِ شَهَادَةٍ فَهِيَ عَلَى إِضْمَارِ الْمُبْتَدَأِ أَيْ هَذِهِ شَهَادَةٌ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: الْقَوْمُ الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَالْقَوْمُ مُبْتَدَأٌ وَالْمُؤْمِنُونَ نَعْتٌ أَوْ بَدَلٌ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ، قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ حَذْفُ الْمَنْعُوتِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْمَوْصُوفِ. ثُمَّ حَكَى وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ فِيهِمَا تَكَلُّفٌ، وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِالتَّنْوِينِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ بِنَصْبِ الْمُؤْمِنِينَ.
٧ - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَنْسَابِ وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ
٢٦٤٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي، فَقَالَتْ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: صَدَقَ أَفْلَحُ ائْذَنِي لَهُ.
[الحديث ٢٦٤٤ - أطرفه في: ٤٧٩٦، ٥١٠٣، ٥١١١، ٥٢٢٩، ٦١٥٦]
٢٦٤٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: لَا تَحِلُّ لِي؛ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعة مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ.
[الحديث ٢٦٤٥ - أطرافه في: ٥١٠٠]
٢٦٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النبي ﷺ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُرَاهُ فُلَانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يا رسول الله هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُرَاهُ فُلَانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ إِنَّ