للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَوُجُوبُ أَكْلِ الْمُفْطِرِ مُحْتَمَلٌ، وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ الْوُجُوبَ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْلُهُ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ جَابِرٍ عَلَى مَنْ كَانَ صَائِمًا، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ فِيهِ بِلَفْظِ: مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَيَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ كَانَ صَائِمًا نَفْلًا، وَيَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنِ اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صِيَامِهِ لِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: دَعَا رَجُلٌ إِلَى طَعَامٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ : دَعَاكُمْ أَخَاكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ، أَفْطِرْ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إِنْ شِئْتَ، فِي إِسْنَادِهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ تُوبِعَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٧٥ - بَاب ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى الْعُرْسِ

٥١٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ.

قَوْلُهُ (بَابُ ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى الْعُرْسِ) كَأَنَّهُ تَرْجَمَ بِهَذَا لِئَلَّا يَتَخَيَّلَ أَحَدٌ كَرَاهَةَ ذَلِكَ، فَأَرَادَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ. قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ) هُوَ الْعَيْشِيُّ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالشِّينِ، وَلَيْسَ هُوَ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمَشْهُورِ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ (فَقَامَ مُمْتَنًّا) بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا مِيمٌ سَاكِنَةٌ وَمُثَنَّاةٌ مَفْتُوحَةٌ وَنُونٌ ثَقِيلَةٌ بَعْدَهَا أَلِفٌ، أَيْ قَامَ قِيَامًا قَوِيًّا، مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُنَّةِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَهِيَ الْقُوَّةُ، أَيْ قَامَ إِلَيْهِمْ مُسْرِعًا مُشْتَدًّا فِي ذَلِكَ فَرِحًا بِهِمْ، وَقَالَ أَبُو مَرْوَانُ بْنُ سِرَاجٍ: وَرَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ مِنَ الِامْتِنَانِ لِأَنَّ مَنْ قَامَ لَهُ النَّبِيُّ وَأَكْرَمَهُ بِذَلِكَ فَقَدِ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا أَعْظَمَ مِنْهُ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْقَابِسِيِّ قَالَ: قَوْلُهُ (مُمْتَنًّا يَعْنِي مُتَفَضِّلًا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ بِمَحَبَّتِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مَتِينًا بِوَزْنِ عَظِيمٍ، أَيْ قَامَ قِيَامًا مُسْتَوِيًا مُنْتَصِبًا طَوِيلًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ فَقَامَ يَمْشِي، قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ.

قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ مَا تَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ فَقَامَ مُمْثِلًا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ مَكْسُورَةٌ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَضُبِطَ أَيْضًا بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمَعْنَى مُنْتَصِبًا قَائِمًا، قَالَ ابْنُ التِّينِ: كَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَالَّذِي فِي اللُّغَةِ: مَثُلَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهَا قَائِمًا يَمْثُلُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مُثُولًا فَهُوَ مَاثِلٌ إِذَا انْتَصَبَ قَائِمًا، قَالَ عِيَاضٌ: وَجَاءَ هُنَا مُمَثِّلًا يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ أَيْ مُكَلِّفًا نَفْسَهُ ذَلِكَ اهـ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ: فَقَامَ النَّبِيُّ لَهُمْ مَثِيلًا بِوَزْنِ عَظِيمٍ وَهُوَ فَعِيلٌ مِنْ مَاثَلَ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ مِثْلُهُ، وَزَادَ يَعْنِي مَاثِلًا.

قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ) زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَتَقْدِيمُ لَفْظِ اللَّهُمَّ يَقَعُ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِلِاسْتِشْهَادِ بِاللَّهِ فِي صِدْقِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ، وَالْبَاقِي مِثْلُهُ وَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَدِ اتَّفَقَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي