وَالنِّبَاذِ.
٦٣ - بَاب بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ
٢١٤٦ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
٢١٤٧ - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ. قَالَ أَنَسٌ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ) ثُمَّ قَالَ: بَابُ بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ وَعَلَّقَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ، وَأَوْرَدَ فِي الْبَابَيْنِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ. فَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَسَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ ثَلَاثِينَ بَابًا فِي بَابِ بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ. قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى رَجُلٍ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَنَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الْآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَلَا يُقَلِّبُهُ إِلَّا بِذَلِكَ.
وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذُ الْآخَرُ بِثَوْبِهِ وَيَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ. وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ يُونُسَ وَذَلِكَ أَنْ يَتَبَايَعَ الْقَوْمُ السِّلَعَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا أَوْ يَتَنَابَذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ كَذَلِكَ فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: أَلْقِ إِلَيَّ مَا مَعَكَ وَأُلْقِي إِلَيْكَ مَا مَعِي. وَلِلنَّسَائِيِّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْمُلَامَسَةُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَبِيعُكَ ثَوْبِي بِثَوْبِكَ وَلَا يَنْظُرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى ثَوْبِ الْآخَرِ، وَلَكِنْ يَلْمِسُهُ لَمْسًا، وَالْمُنَابَذَةَ أَنْ يَقُولَ: أَنْبِذُ مَا مَعِي وَتَنْبِذُ مَا مَعَكَ، يَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَلَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمْ مَعَ الْآخَرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَمْ يُذْكَرِ التَّفْسِيرُ فِي طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الثَّانِيَةِ هُنَا وَلَا فِي طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ وَقَعَ التَّفْسِيرُ أَيْضًا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ هَذِهِ أَخْرَجَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَفِي آخِرِهِ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: إِذَا نَبَذْتُ هَذَا الثَّوْبَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ.
وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ بِيَدِهِ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يُقَلِّبَهُ إِذَا مَسَّهُ وَجَبَ الْبَيْعُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمَّا الْمُلَامَسَةُ فَأَنْ يَلْمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إِلَى الْآخَرِ لَمْ يَنْظُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ فِيهِ التَّفْسِيرُ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَقْعَدُ بِلَفْظِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ فَتَسْتَدْعِي وُجُودَ الْفِعْلِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْمُلَامَسَةِ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ أَوْجُهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَصَحُّهَا أَنْ يَأْتِيَ بِثَوْبٍ مَطْوِيٍّ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ فَيَلْمِسَهُ الْمُسْتَامُ فَيَقُولَ لَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ: بِعْتُكَهُ بِكَذَا، بِشَرْطِ أَنْ يَقُومَ لَمْسُكَ مَقَامَ نَظَرِكَ وَلَا خِيَارَ لَكَ إِذَا رَأَيْتَهُ، وَهَذَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلتَّفْسِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي، أَنْ يَجْعَلَا نَفْسَ اللَّمْسِ بَيْعًا بِغَيْرِ صِيغَةٍ زَائِدَةٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يَجْعَلَا اللَّمْسَ شَرْطًا فِي قَطْعِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ. وَالْبَيْعُ عَلَى التَّأْوِيلَاتِ كُلِّهَا بَاطِلٌ، وَمَأْخَذُ الْأَوَّلِ عَدَمُ شَرْطِ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَاشْتِرَاطُ نَفْيِ الْخِيَارِ، وَمَأْخَذُ الثَّانِي اشْتِرَاطُ نَفْيِ الصِّيغَةِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ بُطْلَانُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ مُطْلَقًا، لَكِنْ مَنْ أَجَازَ الْمُعَاطَاةَ قَيَّدَهَا بِالْمُحَقَّرَاتِ أَوْ بِمَا جَرَتْ فِيهِ الْعَادَةُ بِالْمُعَاطَاةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute