للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِدُونِهَا، وَأَظُنُّهَا مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، وَيَحْتَمِلُ مِنْ شَيْخِهِ، وَفِيهَا تَعَقُّبٌ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْهِجْرَةِ مُنْذُ زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ حَجَّ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا أَمَرَ بِهِ وَلَا أَذِنَ فِيهِ، فَيُقَالُ لِمَنْ قَلَّدَ، قَدْ بَلَغَ ذَلِكَ غَيْرَهُ ; وَهَذَا الزُّهْرِيُّ مَعْدُودٌ فِي فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ شَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ ابْنُ حَزْمٍ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي أَنَّ الْوَارِثَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّذْرِ عَنْ مُوَرِّثِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ فِي اللِّعَانِ لَمَّا فَارَقَهَا الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ النَّبِيُّ بِفِرَاقِهَا، قَالَ: فَكَانَتْ سُنَّةً.

وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ نَذْرِ أُمِّ سَعْدٍ، فَقِيلَ: كَانَ صَوْمًا لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ الْبَطِينُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. الْحَدِيثَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَقِيلَ: كَانَ عِتْقًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ، فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ مَعَ إِرْسَالِهِ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا كَانَتْ نَذَرَتْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: كَانَ نَذْرُهَا صَدَقَةً، وَقَدْ ذَكَرْتُ دَلِيلَهُ مِنَ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: أَنَّ سَعْدًا خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ فَقِيلَ لِأُمِّهِ: أَوْصِ، قَالَتِ الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ ; فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ نَحْوُهُ، وَزَادَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْمَاءُ الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا نَذَرَتْ ذَلِكَ، قَالَ عِيَاضٌ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ نَذْرُهَا فِي الْمَالِ أَوْ مُبْهَمًا. قُلْتُ: بَلْ ظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ مُعَيَّنًا عِنْدَ سَعْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْحَدِيثِ قَضَاءُ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ مَالِيٌّ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ إِلَّا إِنْ وَقَعَ النَّذْرُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَيَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ، وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا، وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِقِصَّةِ أُمِّ سَعْدٍ هَذِهِ، وَقَوْلِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّهَا صَارَتْ سُنَّةً بَعْدُ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ قَضَاهُ مِنْ تَرِكَتِهَا أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ. وَفِيهِ اسْتِفْتَاءُ الْأَعْلَمِ، وَفِيهِ فَضْلُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَالتَّوَصُّلُ إِلَى بَرَاءَةِ مَا فِي ذِمَّتِهِمْ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي الْأَمْرِ بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ: هَلْ يَكُونُ كَالْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ أَوْ لَا؟ فَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمَحْصُولِ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ كَمَا رَجَّحَ جَمَاعَةٌ فِي الْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ فَقَالَ: إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَإِنَّهَا مَاتَتْ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَاقْضِ دَيْنَ اللَّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ، وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي السَّائِلِ أَهُوَ رَجُلٌ كَمَا وَقَعَ هُنَا أَوِ امْرَأَةٌ كَمَا وَقَعَ هُنَاكَ؟ وَأَنَّهُ الرَّاجِحُ وَذَكَرْتُ مَا قِيلَ فِي اسْمِهَا وَأَنَّهَا حَمْنَةُ، وَبَيَّنْتُ أَنَّهَا هِيَ السَّائِلَةُ عَنِ الصِّيَامِ أَيْضًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

٣١ - بَاب النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَفِي مَعْصِيَةٍ

٦٧٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ : مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ.

٦٧٠١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِي ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ