للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْكِرْمَانِيُّ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ التَّكْبِيرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى الذِّكْرِ الَّذِي فِي خِلَالِ التَّلْبِيَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ حِينَئِذٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَزَلْ يَدُلُّ عَلَى إِدَامَةِ التَّلْبِيَةِ وَإِدَامَتُهَا تَدُلُّ عَلَى تَرْكِ مَا عَدَاهَا أَوْ هُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ ذِكْرُ التَّكْبِيرِ. انْتَهَى.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ فَعِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، والطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إِلَّا أَنْ يَخْلِطَهَا بِتَكْبِيرٍ.

قَوْلُهُ: (فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْفَضْلَ أَخْبَرَهُ.

قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ (فَكِلَاهُمَا) أَيِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَفِي ذِكْرِ أُسَامَةَ إِشْكَالٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي: بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ أَنَّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ أُسَامَةَ قَالَ وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَيَّ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ أُسَامَةُ سَبَقَ إِلَى رَمْيِ الْجَمْرَةِ فَيَكُونَ إِخْبَارُهُ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْفَضْلُ مِنَ التَّلْبِيَةِ مُرْسَلًا، لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَعَ النَّبِيِّ إِلَى الْجَمْرَةِ أَوْ يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ . وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَمِّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ: فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَبِلَالًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.

(تَنْبِيهٌ): زَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَرَمَاهَا سَبْعَ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. وَسَيَأْتِي هَذَا الْحُكْمُ بَعْدَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التَّلْبِيَةَ تَسْتَمِرُّ إِلَى رَمْيِ الْجَمْرَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَبَعْدَهَا يَشْرَعُ الْحَاجُّ فِي التَّحَلُّلِ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ التَّلْبِيَةُ شِعَارُ الْحَجِّ فَإِنْ كُنْتَ حَاجًّا فَلَبِّ حَتَّى بَدْءِ حِلِّكَ، وَبَدْءُ حَلِّكَ أَنْ تَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ إِحْدَى عَشْرَةَ حِجَّةً وَكَانَ يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ وَبِاسْتِمْرَارِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَأَتْبَاعُهُمْ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْطَعُ الْمُحْرِمُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ كَانَ يُعَاوِدُ التَّلْبِيَةَ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَرَفَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْطَعُهَا إِذَا رَاحَ إِلَى الْمَوْقِفِ رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ عَائِشَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَلِيٍّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَيَّدَهُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ.

وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا أَفَاضَ إِلَى جَمْعٍ جَعَلَ يُلَبِّي فَقَالَ رَجُلٌ: أَعْرَابِيٌّ هَذَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَسِيَ النَّاسُ أَمْ ضَلُّوا وَأَشَارَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ تَرْكُ التَّلْبِيَةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِلِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا مِنَ الذِّكْرِ لَا عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْرَعُ وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الْآثَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ رَمْيِ أَوَّلِ حَصَاةٍ أَوْ عِنْدَ تَمَامِ الرَّمْيِ؟ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ، وَإِلَى الثَّانِي أَحْمَدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَيَدُلُّ لَهُمْ مَا رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ قَالَ: أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ مِنْ عَرَفَاتٍ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ: قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُفَسِّرٌ لِمَا أُبْهِمَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَيْ أَتَمَّ رَمْيَهَا.

١٠٢ - بَاب ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾