إِلَى رَفْعِ عُذْرِ الْمُكَلَّفِ كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: قَدْ كُفَّتِ الشَّيَاطِينُ عَنْكَ فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَلَا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ.
١٩٠٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ وَيُونُسُ لِهِلَالِ رَمَضَانَ.
قَوْلُهُ: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) أَيِ: الْهِلَالَ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى الْحُكْمِ، وَكَذَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِذِكْرِ الْهِلَالِ فِيهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُبُوتَ ذِكْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهْرٍ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَوْصُولَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ إِلَخْ) الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْمَذْكُورِ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، كَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِهِلَالِ رَمَضَانَ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا الْحَدِيثَ. وَوَقَعَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِهِلَالِ رَمَضَانَ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ ذَكَرْتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٦ - بَاب مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً
وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ
١٩٠١ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: حَذَفَ الْجَوَابَ إِيجَازًا وَاعْتِمَادًا عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ، وَعَطَفَ قَوْلَهُ: نِيَّةً عَلَى قَوْلِهِ: احْتِسَابًا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يَكُونُ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ، وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ فِي وُقُوعِهِ قُرْبَةً. قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: انْتَصَبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أَوْ تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي مَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ: مُؤْمِنًا مُحْتَسِبًا، وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الِاعْتِقَادُ بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ، وَبِالِاحْتِسَابِ طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: احْتِسَابًا أَيْ: عَزِيمَةً، وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ، طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ، غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ، وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهَا، وَأَوَّلُهُ: يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ هُنَا أَنَّ لِلنِّيَّةِ تَأْثِيرًا فِي الْعَمَلِ لِاقْتِضَاءِ الْخَبَرِ أَنْ فِي الْجَيْشِ الْمَذْكُورِ الْمُكْرَهَ وَالْمُخْتَارَ، فَإِنَّهُمْ إِذَا بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَقَعَتِ الْمُؤَاخَذَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ دُونَ الْمُكْرَهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى عِنْدَ أَحْمَدَ.
قَوْلُهُ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمَعْقُودِ لَهَا فِي أَوَاخِرِ الصِّيَامِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) زَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمَا تَأَخَّرَ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِدُونِهَا أَيْضًا، وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ، وَتَابَعَهُ