للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ هَكَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الدَّاوُدِيِّ - إِلَى قَوْلِهِ -: ﴿لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾ وَفَسَّرَهُ أَيْ: لَا تَظْلِمُونَ بِأَخْذِ الزِّيَادَةِ وَلَا تُظْلَمُونَ بِأَنْ تُحْبَسَ عَنْكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ. ثُمَّ اعْتُرِضَ بِمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ) وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ، وَاعْتَرَضَهُ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: هَذَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَهْمًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْهُ فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّ آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ الْآيَةَ، قَالَ: فَلَعَلَّ النَّاقِلَ وَهَمَ لِقُرْبِهَا مِنْهَا. انْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ هُوَ الْوَاهِمُ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ الْآيَةَ، وَهِيَ آخِرُ آيَةٍ ذَكَرَهَا لِقَوْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ أَنْزَلَتْ. انْتَهَى. وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِذِكْرِ هَذَا الْأَثَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفْسِيرَ قَوْلِ عَائِشَةَ: لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ) فِي رِوَايَةِ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا عَوْنٌ وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا فَسَأَلْتُهُ) كَذَا وَقَعَ هُنَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ سَبَبِ مُشْتَرَاهُ، وَذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ جَوَابَهُ بِحَدِيثِ النَّهْيِ، وَلَكِنْ وَقَعَ فِي هَذَا السِّيَاقِ اخْتِصَارٌ بَيَّنَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا فِي آخِرِ الْبُيُوعِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: اشْتَرَى حَجَّامًا فَأَمَرَ بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ، فَسَأَلْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ الْبَيَانُ بِأَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْ كَسْرِ الْمَحَاجِمِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْجَوَابِ. وَفِي كَسْرِ أَبِي جُحَيْفَةَ الْمَحَاجِمَ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيمِ فَأَرَادَ حَسْمَ الْمَادَّةِ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُطِيعُ النَّهْيَ وَلَا يَتْرُكُ التَّكَسُّبَ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ كَسَرَ مَحَاجِمَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى كَسْبِ الْحَاجِمِ بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَنَذْكُرُ هُنَاكَ بَقِيَّةَ فَوَائِدِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ) أَيْ: نَهَى عَنْ فِعْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَاشِمَ وَالْمَوْشُومَ لَا يُنْهَى عَنْهُمَا وَإِنَّمَا يُنْهَى عَنْ فِعْلِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَعْطُوفًا عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْوَشْمَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَالَّذِي قَبْلَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَغْيِيرٌ فَأُبْدِلَ اللَّعْنُ بِالنَّهْيِ، فَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ، وَفِي أَوَاخِرِ الطَّلَاقِ بِلَفْظِ: وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢٦ - بَاب ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾

٢٠٨٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا يَوْمَئِذٍ وَأَهْلَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَعْنَى أَنَّ أَمْرَهُ يَئُولُ إِلَى قِلَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ رَبًّا وَإِنْ زَادَ حَتَّى يَغْبِطَ صَاحِبَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْحَقُهُ وَأَصْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ عَاقِبَتُهُ إِلَى قُلٍّ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى صَاحِبِ الرِّبَا أَرْبَعُونَ سَنَةً حَتَّى يُمْحَقَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ يُونُسَ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ.

قَوْلُهُ: (الْحَلِفُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ.

قَوْلُهُ: (مَنْفَقَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ مَفْعَلَةٌ مِنَ