وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَكْثَرِ جَوَازُ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ بِغَيْرِ فَتْقٍ كَقَوْلِ أَحْمَدَ، وَاشْتَرَطَ الْفَتْقَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَطَائِفَةٌ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْعُ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمِ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ عَنْ مَالِكٍ وَكَأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَبْلُغْهُ، فَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ الرَّازِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ لُبْسُهُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُهُمْ فِي الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ أَجَازَ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ عَلَى حَالِهِ قَيَّدَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي حَالَةِ لَوْ فَتَقَهُ لَكَانَ إِزَارًا؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ وَاجِدَ الْإِزَارِ.
١٦ - بَاب إِذَا لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ
١٨٤٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا لِقُوَّةِ دَلِيلِهَا وَتَصْرِيحِ الْمُخَالِفِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَبْلُغْهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ الْعَمَلُ بِهِ.
١٧ - بَاب لُبْسِ السِّلَاحِ لِلْمُحْرِمِ
وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِذَا خَشِيَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلَاحَ وَافْتَدَى، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ.
١٨٤٤ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ ﵁: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ: لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلَاحًا إِلَّا فِي الْقِرَابِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ لُبْسِ السِّلَاحِ لِلْمُحْرِمِ) أَيْ: إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِذَا خَشِيَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلَاحَ وَافْتَدَى) أَيْ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَثَرِ عِكْرِمَةَ هَذَا مَوْصُولًا. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تُوبِعَ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ السِّلَاحِ عِنْدَ الْخَشْيَةِ وَخُولِفَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْمُحْرِمُ السَّيْفَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، لِلْحَجَّاجِ: أَنْتَ أَمَرْتَ بِحَمْلِ السِّلَاحِ فِي الْحَرَمِ. وَقَوْلُهُ لَهُ: وَأَدْخَلْتَ السِّلَاحَ فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَكُنِ السِّلَاحُ يَدْخُلُ فِيهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَمَرْتَ بِحَمْلِ السِّلَاحِ فِي يَوْمٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ مَنْ كَرِهَ حَمْلَ السِّلَاحِ فِي الْعِيدِ وَذَكَرَ مَنْ رَوَى ذَلِكَ مَرْفُوعًا. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ الْبَرَاءِ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مُخْتَصَرًا، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بِإِسْنَادِهِ هَذَا، وَوَهَمَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فَزَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ فِي الْحَجِّ بِطُولِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
١٨ - بَاب دُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ
وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْإِهْلَالِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ