للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٨٤٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.

١٨٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ.

[الحديث ١٨٤٦ - أطرافه في: ٣٠٤٤، ٤٢٨٦، ٥٨٠٨]

قَوْلُهُ: (بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَكَّةَ هُنَا الْبَلَدُ، فَيَكُونُ الْحَرَمُ أَعَمَّ.

قَوْلُهُ: (وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ) وَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِقُدَيْدٍ - يَعْنِي: بِضَمِّ الْقَافِ - جَاءَهُ خَبَرٌ عَنِ الْفِتْنَةِ، فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ بِالْإِهْلَالِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَطَّابِينَ وَغَيْرَهُمْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ خَصَّ الْإِحْرَامَ بِمِنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَاسْتُدِلَّ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ إِلَى مَكَّةَ - لِغَيْرِ قَصْدِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ - لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا؛ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ مُطْلَقًا، وَفِيمَنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْوُجُوبُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْحَسَنِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَجَزَمَ الْحَنَابِلَةُ بِاسْتِثْنَاءِ ذَوِي الْحَاجَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ، وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ، أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَوَاقِيتِ. الثَّانِي: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْمِغْفَرِ، وَقَدِ اشْتُهِرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ، وَوَقَعَ لِي مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ فِي فَوَائِدِ أَبِي الْحَسَنِ الْفَرَّاءِ الْمَوْصِلِيِّ وَفِي الْإِسْنَادِ إِلَى يَزِيدَ مَعَ ضَعْفِهِ ضَعْفٌ، وَقِيلَ: إِنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّاذِّ، وَتَعَقَّبَهُ شَيْخنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي أُوَيْسٍ، وَمَعْمَرٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ: إِنَّ رِوَايَةَ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَرِوَايَةَ أَبِي أُوَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ عَدِيٍّ، وَأَنَّ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَنَّ رِوَايَةَ الْأَوْزَاعِيِّ ذَكَرَهَا الْمُزَنِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُنَا مَنْ أَخْرَجَ رِوَايَتَهُمَا، وَقَدْ وَجَدْتُ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ فِي فَوَائِدِ ابْنِ الْمُقْرِي وَرِوَايَةَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي فَوَائِدِ تَمَّامٍ.

ثُمَّ نَقَلَ شَيْخُنَا عَنِ ابْنِ مُسْدِيٍّ أَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ قَالَ حِينَ قِيلَ لَهُ: لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا مَالِكٌ: قَدْ رُوِّيتُهُ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ طَرِيقًا غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَأَنَّهُ وَعَدَ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا، وَأَطَالَ ابْنُ مُسْدِيٍّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَأَنْشَدَ فِيهَا شِعْرًا، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُمُ اتَّهَمُوا ابْنَ الْعَرَبِيِّ فِي ذَلِكَ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْمُجَازَفَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ مُسْدِيٍّ يَقْدَحُ فِي أَصْلِ الْقِصَّةِ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ، فَرَاوِي الْقِصَّةِ عَدْلٌ مُتْقِنٌ، وَالَّذِينَ اتَّهَمُوا