للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابْنَ الْعَرَبِيِّ فِي ذَلِكَ هُمُ الَّذِينَ أَخْطَئُوا لِقِلَّةِ اطِّلَاعِهِمْ، وَكَأَنَّهُ بَخِلَ عَلَيْهِمْ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ لَمَّا ظَهَرَ لَهُ مِنْ إِنْكَارِهِمْ وَتَعَنُّتِهِمْ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُ طُرُقَهُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَوَجَدْتُهُ مِنْ رِوَايَةِ اثْنَيْ عَشَرَ نَفْسًا غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا شَيْخُنَا وَهُمْ: عُقَيْلٌ فِي مُعْجَمِ ابْنِ جُمَيْعٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ فِي الْإِرْشَادِ لِلْخَلِيلِيِّ، وَابْنُ أَبِي حَفْصٍ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، لِلْخَطِيبِ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي فِي أَفْرَادِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيَّانِ فِي فَوَائِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي مُسْنَدِ مَالِكٍ، لِابْنِ عَدِيٍّ، وَبَحْرٌ السِّقَاءُ ذَكَرَهُ جَعْفَرٌ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي تَخْرِيجِهِ لِلْجِيزِيِّ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ ذَكَرَهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ عَقِبَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ، عَنْ مَالِكٍ.

وَالْمُخَرَّجِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْمَغَازِي، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ إِطْلَاقَ ابْنِ الصَّلَاحِ مُتَعَقَّبٌ، وَأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ صَحِيحٌ، وَأَنَّ كَلَامَ مَنِ اتَّهَمَهُ مَرْدُودٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي طُرُقِهِ شَيْءٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ إِلَّا طَرِيقَ مَالِكٍ، وَأَقْرَبُهَا رِوَايَةُ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ فَقَدْ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِ مَالِكٍ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَتَلِيهَا رِوَايَةُ أَبِي أَوَيْسٍ أَخْرَجَهَا أَبُو عَوَانَةَ أَيْضًا وَقَالُوا إِنَّهُ كَانَ رَفِيقَ مَالِكٍ فِي السَّمَاعِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ - أَيْ: بِشَرْطِ الصِّحَّةِ - وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: تُوبِعَ أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ. وَعِبَارَةُ التِّرْمِذِيِّ سَالِمَةٌ مِنَ الِاعْتِرَاضِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، لَا يَعْرِفُ كَثِيرٌ أَحَد رَوَاهُ غَيْرَ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَوْلُهُ: كَثِيرٌ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ تُوبِعَ فِي الْجُمْلَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ.

قَوْلُهُ: (عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ: زَرَدٌ يُنْسَجُ مِنَ الدُّرُوعِ عَلَى قَدْرِ الرَّأْسِ، وَقِيلَ: هُوَ رَفْرَفُ الْبَيْضَةِ قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ وَفِي الْمَشَارِقِ هُوَ مَا يُجْعَلُ مِنْ فَضْلِ دُرُوعِ الْحَدِيدِ عَلَى الرَّأْسِ مِثْلُ الْقَلَنْسُوَةِ، وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ مَالِكٍ: يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ مِنْ حَدِيدٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْغَرَائِبِ وَالْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ، وَقَدْ جَزَمَ الْفَاكِهِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِذَلِكَ هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَجَحَ عِنْدَهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، رَأَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَاءَ مُخْبِرًا بِقِصَّتِهِ، وَيُوَشِّحُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ فِي الْمَغَازِي: فَقَالَ: اقْتُلْهُ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ. عَلَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي اسْمِ قَاتِلِهِ، فَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحَاكِمِ أَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعَةٌ لَا أُؤَمِّنُهُمْ لَا فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ: الْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْدٍ - بِالنُّونِ وَالْقَافِ مُصَغَّرٌ - وَهِلَالُ بْنُ خَطَلٍ، وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ - قَالَ - فَأَمَّا هِلَالُ بْنُ خَطَلٍ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ الْحَدِيثَ. وَفِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَالْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ نَحْوُهُ، لَكِنْ قَالَ: أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقَالَ: اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَذَكَرَهُمْ، لَكِنْ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ بَدَلَ هِلَالٍ، وَقَالَ: عِكْرِمَةُ، بَدَلَ الْحُوَيْرِثِ، وَلَمْ يُسَمِّ الْمَرْأَتَيْنِ، وَقَالَ: فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِيدٌ، عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ الْحَدِيثَ.

وَفِي زِيَادَاتِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحْوُهُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ النَّاسَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِلَّا أَرْبَعَةً مِنَ النَّاسِ: عَبْدَ الْعُزَّى بْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ الْكِنَانِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ، وَأُمَّ سَارَةَ. فَأَمَّا عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ خَطَلٍ فَقُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ