عَلَى هَذَا الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ لَمْ يُصِبْهُ إِعْيَاءٌ؛ لِأَنَّ فَاطِمَةَ شَكَتِ التَّعَبَ مِنَ الْعَمَلِ فَأَحَالَهَا ﷺ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا أَفَادَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَتَعَيَّنُ رَفْعُ التَّعَبِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِ لَا يَتَضَرَّرُ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّعَبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٢ - بَاب التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمَنَامِ
٦٣١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِي يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَ النَّوْمِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قِرَاءَةِ الْمُعَوِّذَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَبَيَّنْتُ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ دَائِمًا أَوْ بِقَيْدِ الشَّكْوَى، وَأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ يُفِيدُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا؛ لِمَا فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَبَيَّنْتُ فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَوِّذَاتِ: الْإِخْلَاصُ وَالْفَلَقُ وَالنَّاسُ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهَا تُعَيِّنُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَاضِي ذِكْرُهَا ثَمَّةَ، وَفِيهَا كَيْفِيَّةُ مَسْحِ جَسَدِهِ بِيَدَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ النَّوْمِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَحَدِيثُ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِنَوْفَلٍ: اقْرَأْ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، وَنَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا؛ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ، أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَحَدِيثُ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ، وَيَقُولُ: فِيهِنَّ آيَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ رَفَعَهُ: كَانَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ، وَتَبَارَكَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَحَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَفَعَهُ: مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَأْخُذُ
مَضْجَعَهُ فَيَقْرَأُ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْفَظُهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيهِ حَتَّى يَهُبَّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَوَرَدَ فِي التَّعَوُّذِ أَيْضًا عِدَّةُ أَحَادِيثَ، مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ رَفَعَهُ: لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّكَ شَيْءٌ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذَ أَحَدُنَا مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ الْحَدِيثَ، وَفِي لَفْظٍ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَشِرْكِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَدٌّ عَلَى مَنْ مَنَعَ اسْتِعْمَالَ الْعَوْذِ وَالرُّقَى إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْمَرَضِ. انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ وَالْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ.
[١٣ - باب]
٦٣٢٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute