سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَقَالَ يَحْيَى بن سعيد وَبِشْرٌ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
[الحديث ٦٣٢٠ - طرفه في: ٧٣٩٣]
قَوْلُهُ: (بَاب) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، وَسَقَطَ لِبَعْضِهِمْ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَالرَّاجِحُ إِثْبَاتُهُ. وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ عُمُومُ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَعَلَى إِسْقَاطِهِ فَهُوَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ مَعْنَى التَّعْوِيذِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِهِ.
قَوْلُهُ: (زُهَيْرٌ) هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هُوَ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَشَيْخُهُ تَابِعِيٌّ وَسَطٌ، وَأَبُوهُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ، فَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ مَدَنِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (إِذَا أَوَى) بِالْقَصْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ: بِدَاخِلِ بِلَا هَاءٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ: بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ، وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهِيَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا فَاءٌ، هِيَ الْحَاشِيَةُ الَّتِي تَلِي الْجِلْدَ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلَةِ طَرَفُ الْإِزَارِ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ، قَالَ مَالِكٌ: دَاخِلَةُ الْإِزَارِ: مَا يَلِي دَاخِلَ الْجَسَدِ مِنْهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَلْيَحُلَّ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ كَمَا سَيَأْتِي: فَلْيَنْزِعْ وَقَالَ عِيَاضٌ: دَاخِلَةُ الْإِزَارِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: طَرَفُهُ، وَدَاخِلَةُ الْإِزَارِ فِي حَدِيثِ الَّذِي أُصِيبَ بِالْعَيْنِ: مَا يَلِيهَا مِنَ الْجَسَدِ. وَقِيلَ: كَنَّى بِهَا عَنِ الذَّكَرِ، وَقِيلَ: عَنِ الْوَرِكِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ طَرَفِ ثَوْبِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: حِكْمَةُ هَذَا النَّفْضِ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْحَدِيثِ، وَأَمَّا اخْتِصَاصُ النَّفْضِ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا، وَيَقَعُ لِي أَنَّ فِي ذَلِكَ خَاصِّيَّةً طِبِّيَّةً تَمْنَعُ مِنْ قُرْبِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ، كَمَا أُمِرَ بِذَلِكَ الْعَائِنُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَلْيَنْفُضْ بِهَا ثَلَاثًا فَحَذَا بِهَا حَذْوَ الرُّقَى فِي التَّكْرِيرِ. انْتَهَى. وَقَدْ أَبْدَى غَيْرُهُ حِكْمَةَ ذَلِكَ، وَأَشَارَ الدَّاوُدِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ التِّينِ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِزَارَ يُسْتَرُ بِالثِّيَابِ، فَيَتَوَارَى بِمَا يَنَالُهُ مِنَ الْوَسَخِ، فَلَوْ نَالَ ذَلِكَ بِكُمِّهِ صَارَ غَيْرَ لَدِنِ الثَّوْبِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ عَمَلًا أَنْ يُحْسِنَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: إِنَّمَا أَمَرَ بِدَاخِلَتِهِ دُونَ خَارِجَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْتَزِرَ يَأْخُذُ طَرَفَيْ إِزَارِهِ بِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَيُلْصِقُ مَا بِشِمَالِهِ، وَهُوَ الطَّرَفُ الدَّاخِلِيُّ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَضَعُ مَا بِيَمِينِهِ فَوْقَ الْأُخْرَى، فَمَتَى عَاجَلَهُ أَمْرٌ أَوْ خَشِيَ سُقُوطَ إِزَارِهِ أَمْسَكَهُ بِشِمَالِهِ، وَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ، فَإِذَا صَارَ إِلَى فِرَاشِهِ فَحَلَّ إِزَارَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِيَمِينِهِ خَارِجَ الْإِزَارِ، وَتَبْقَى الدَّاخِلَةُ مُعَلَّقَةً وَبِهَا يَقَعُ النَّفْضُ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: إِنَّمَا أَمَرَ بِالنَّفْضِ بِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يُرِيدُ النَّوْمَ يَحِلُّ بِيَمِينِهِ خَارِجَ الْإِزَارِ، وَتَبْقَى الدَّاخِلَةُ مُعَلَّقَةً فَيَنْفُضُ بِهَا، وَأَشَارَ الْكِرْمَانِيُّ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ حِينَ النَّفْضِ مَسْتُورَةً؛ لِئَلَّا يَكُونَ هُنَاكَ شَيْءٌ، فَيَحْصُلُ فِي يَدِهِ مَا يَكْرَهُ. انْتَهَى. وَهِيَ حِكْمَةُ النَّفْضِ بِطَرَفِ الثَّوْبِ دُونَ الْيَدِ لَا خُصُوصَ الدَّاخِلَةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute