للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ، أَيْ: حَدَثَ بَعْدَهُ فِيهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ عَجْلَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدَةَ: فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَنْ خَلَفَهُ فِي فِرَاشِهِ، وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ: ثُمَّ لِيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ: ثُمَّ لْيَتَوَسَّدْ بِيَمِينِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ: وَلْيُسَمِّ اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ أَيْ: مَا صَارَ بَعْدَهُ خَلَفًا وَبَدَلًا عَنْهُ إِذَا غَابَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَاهُ لَا يَدْرِي مَا وَقَعَ فِي فِرَاشِهِ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْهُ مِنْ تُرَابٍ أَوْ قَذَاةٍ أَوْ هَوَامَّ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ فِي رِوَايَةِ عَبْدَةَ: ثُمَّ لْيَقُلْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ: اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ: ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي.

قَوْلُهُ: (إِنْ أَمْسَكْتَ) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ: اللَّهُمَّ إِنْ أَمْسَكْتَ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَجْلَانَ: اللَّهُمَّ فَإِنْ أَمْسَكْتَ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدَةَ: فَإِنِ احْتَبَسْتَ

قَوْلُهُ: (فَارْحَمْهَا) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: فَاغْفِرْ لَهَا، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَجْلَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْإِمْسَاكُ كِنَايَةٌ عَنَ الْمَوْتِ فَالرَّحْمَةُ أَوِ الْمَغْفِرَةُ تُنَاسِبُهُ، وَالْإِرْسَالُ كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِمْرَارِ الْبَقَاءِ، وَالْحِفْظُ يُنَاسِبُهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ الْآيَةَ، قُلْتُ: وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ رَجُلًا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي، وَأَنْتَ تَتَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

قَوْلُهُ: (بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذِهِ الْبَاءُ هِيَ مِثْلُ الْبَاءِ فِي قَوْلِكِ: كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ، وَمَا مُبْهَمَةٌ وَبَيَانُهَا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ صِلَتُهَا، وَزَادَ ابْنُ عَجْلَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي آخِرِهِ شَيْئًا لَمْ أَرَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِّي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ إِلَيَّ رُوحِي وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى مَا ذَكَرَهُ الْكِرْمَانِيُّ. وَقَدْ نَقَلْتُ قَوْلَ الزَّجَّاجِ فِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِيمَا مَضَى قَرِيبًا، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الطِّيبِيِّ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَبٌ عَظِيمٌ، وَقَدْ ذَكَرَ حِكْمَتَهُ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْوِيَ إِلَى فِرَاشِهِ بَعْضُ الْهَوَامِّ الضَّارَّةِ فَتُؤْذِيَهُ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الْمَنَامَ أَنْ يَمْسَحَ فِرَاشَهُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ يَخْفَى مِنْ رُطُوبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هَذَا مِنَ الْحَذَرِ، وَمِنَ النَّظَرِ فِي أَسْبَابِ دَفْعِ سُوءِ الْقَدَرِ، أَوْ هُوَ مِنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ.

قُلْتُ وَمِمَّا وَرَدَ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالثَّلَاثَةُ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ وَزَادَ وَالَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ وَالَّذِي أَعْطَانِي فَأَجْزَلَ وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَأْثَمَ وَالْمَغْرَمَ، اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَزْهَرِ الْأَنْمَارِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ: بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلْنِي فِي النِّدَاءِ الْأَعْلَى، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ، وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ

يَقُولُ: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ثَلَاثًا، وَأَخْرَجَهُ