للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَّا بِذَلِكَ. حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: وَكَانَ هَذَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ بَيْتُ مَالٍ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَأَرْزَاقُ الْعُمَّالِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ: وَإِلَى نَحْوِ هَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ فِي الضِّيَافَةِ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ خَاصَّةً. قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: إِنَّكَ بَعَثْتَنَا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: إِنَّا نَمُرُّ بِقَوْمٍ.

رَابِعُهَا: أَنَّهُ خَاصٌّ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ شَرَطَ عُمَرُ حِينَ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى نَصَارَى الشَّامِ ضِيَافَةَ مَنْ نَزَلَ بِهِمْ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ، وَلَا حُجَّةَ لِذَلِكَ فِيمَا صَنَعَهُ عُمَرُ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ زَمَانِ سُؤَالِ عُقْبَةَ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ.

خَامِسُهَا: تَأْوِيلُ الْمَأْخُوذِ، فَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ أَعْرَاضِهِمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَذْكُرُوا لِلنَّاسِ عَيْبَهُمْ. وَتَعَقَّبَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ الْأَخْذَ مِنَ الْعِرْضِ وَذِكْرَ الْعَيْبِ نُدِبَ فِي الشَّرْعِ إِلَى تَرْكِهِ لَا إِلَى فِعْلِهِ. وَأَقْوَى الْأَجْوِبَةِ الْأَوَّلُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ، وَبِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَجَزَمَ بِجَوَازِ الْأَخْذِ فِيمَا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِالْقَاضِي كَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُهُ مُنْكِرًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عِنْدَ وُجُودِ الْجِنْسِ، فَيَجُوزُ عِنْدَهُ أَخْذُهُ إِنْ ظَفِرَ بِهِ وَأَخْذُ غَيْرِهِ بِقَدْرِهِ إِنْ لَمْ يَجِدْهُ، وَيَجْتَهِدُ فِي التَّقْوِيمِ وَلَا يَحِيفُ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِالْقَاضِي فَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ الْجَوَازُ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْخِلَافُ، وَجَوَّزَهُ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمِثْلِيِّ دُونَ الْمُتَقَوِّمِ لِمَا يُخْشَى فِيهِ مِنَ الْحَيْفِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي الْعُقُوبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ لِكَثْرَةِ الْغَوَائِلِ فِي ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْأَمْوَالِ أَيْضًا مَا إِذَا أَمِنَ الْغَائِلَةَ كَنِسْبَتِهِ إِلَى السَّرِقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

١٩ - بَاب مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ

وَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

٢٤٦٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ. وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُمَرَ ﵃ قَالَ حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ: إِنَّ الْأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا. فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ.

[الحديث ٢٤٦٢ - أطرافه في: ٣٤٤٥، ٣٩٢٨، ٤٠٢١، ٦٨٢٩، ٦٨٣٠، ٧٣٢٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ) جَمْعُ سَقِيفَةٍ؛ وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُظَلَّلُ كَالسَّابَاطِ أَوِ الْحَانُوتِ بِجَانِبِ الدَّارِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الْأَمْكِنَةِ الْعَامَّةِ جَائِزٌ، وَأَنَّ اتِّخَاذَ صَاحِبِ الدَّارِ سَابَاطًا أَوْ مُسْتَظَلًّا جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ.

قَوْلُهُ: (وَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَسْنَدَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَشْرِبَةِ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ، وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ - يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ - أَنَّهُ ﷺ جَلَسَ فِي السَّقِيفَةِ، انْتَهَى. وَالسَّبَبُ فِي غَفْلَتِهِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ حَذَفَ الْحَدِيثَ الْمُعَلَّقَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنْ عُمَرَ الْمَوْصُولِ، مَعَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُتَرْجِمْ بِجُلُوسِ النَّبِيِّ ﷺ وإِنَّمَا تَرْجَمَ بِمَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمُصَرِّحَ بِجُلُوسِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَوْرَدَهُ مُعَلَّقًا، ثُمَّ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ جَلَسُوا فِيهَا وَأَوْرَدَهُ مَوْصُولًا، فَكَأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَجَلَسَ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ لَا أَنَّهُ حَدِيثٌ مُعَلَّقٌ، وَسَقِيفَةَ بَنِي سَاعِدَةَ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِيهَا، وَكَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ، وَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَهُمْ فِيهَا عِنْدَهُمْ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مَالِكٌ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ)؛ أَيِ ابْنُ يَزِيدَ، عَنِ