٢ - بَاب: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾
٤٩٤٠ - حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾؛ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، قَالَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾؛ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، قَالَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ ﷺ؛ أَيِ الْخِطَابُ لَهُ، وَهُوَ عَلَى قِرَاءَةِ فَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَالْأَعْمَشُ وَالْأَخَوَانِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُشَيْمٍ بِلَفْظِ أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقْرَأُ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ؛ يَعْنِي: نَبِيَّكُمْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْقِرَاءَاتِ عَنْ هُشَيْمٍ، وَزَادَ: يَعْنِي بِفَتْحِ الْبَاءِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: قَرَأَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ بِالْفَتْحِ، وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ، وَرَجَّحَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ لِسِيَاقِ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنِ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: ﴿طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾؛ يَعْنِي: حَالًا بَعْدَ حَالٍ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَيْضًا وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَمَسْرُوقٍ قَالَ: السَّمَاوَاتُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ قَالَ: السَّمَاءُ. وَفِي لَفْظٍ لِلطَّبَرِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْمُرَادُ أَنَّ السَّمَاءَ تَصِيرُ مَرَّةً كَالدِّهَانِ، وَمَرَّةً تُشَقَّقُ ثُمَّ تَحْمَرُّ ثُمَّ تَنْفَطِرُ. وَرَجَّحَ الطَّبَرِيُّ الْأَوَّلَ، وَأَصْلُ الطَّبَقِ الشِّدَّةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَقَعُ مِنَ الشَّدَائِدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالطَّبَقُ مَا طَابَقَ غَيْرَهُ، يُقَالُ: مَا هَذَا بِطَبَقِ كَذَا؛ أَيْ: لَا يُطَابِقُهُ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: حَالًا بَعْدَ حَالٍ؛ أَيْ حَالَ مُطَابَقَةٍ لِلَّتِي قَبْلَهَا فِي الشِّدَّةِ، أَوْ هُوَ جَمْعُ طَبَقَةٍ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ، أَيْ هِيَ طَبَقَاتٌ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ اخْتِلَافُ أَحْوَالِ الْمَوْلُودِ مُنْذُ يَكُونُ جَنِينًا إِلَى أَنْ يَصِيرَ إِلَى أَقْصَى الْعُمُرِ، فَهُوَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ جَنِينٌ، ثُمَّ إِذَا وُلِدَ صَبِيٌّ، فَإِذَا فُطِمَ غُلَامٌ، فَإِذَا بَلَغَ سَبْعًا يَافِعٌ، فَإِذَا بَلَغَ عَشْرًا حَزَوَّرٌ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ قُمُدٌّ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ عَنَطْنَطٌ، فَإِذَا بَلَغَ ثَلَاثِينَ صُمُلٌّ، فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ كَهْلٌ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ شَيْخٌ، فَإِذَا بَلَغَ ثَمَانِينَ هِمٌّ، فَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ فَانٍ.
٨٥ - سُورَةُ (الْبُرُوجِ)
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأُخْدُودُ؛ شَقٌّ فِي الْأَرْضِ. فَتَنُوا: عَذَّبُوا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْوَدُودُ؛ الْحَبِيبُ. الْمَجِيدُ: الْكَرِيمُ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْبُرُوجِ) تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرَ الْفُرْقَانِ تَفْسِيرُ الْبُرُوجِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿الأُخْدُودِ﴾؛ شَقٌّ فِي الْأَرْضِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِ: شَقٌّ بِنَجْرَانَ كَانُوا يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِيهِ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ قِصَّةَ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ مُطَوَّلَةً، وَفِيهِ قِصَّةُ الْغُلَامِ الَّذِي كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنَ السَّاحِرِ، فَمَرَّ بِالرَّاهِبِ فَتَابَعَهُ عَلَى دِينِهِ، فَأَرَادَ الْمَلِكُ قَتْلَ الْغُلَامِ لِمُخَالَفَتِهِ دِينَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى قَتْلِي حَتَّى تَقُولَ إِذَا رَمَيْتَنِي: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ. فَفَعَلَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، فَخَدَّ لَهُمُ الْمَلِكُ الْأَخَادِيدَ فِي السِّكَكِ وَأَضْرَمَ فِيهَا النِّيرَانَ لِيَرْجِعُوا إِلَى دِينِهِ. وَفِيهِ قِصَّةُ الصَّبِيِّ الَّذِي قَالَ لِأُمِّهِ: اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ. صَرَّحَ بِرَفْعِ الْقِصَّةِ بِطُولِهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ. وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ. وَوَقَفَهَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ، وَعِنْدَهُ فِي آخِرِهِ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾ - إِلَى - ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾
قَوْلُهُ: ﴿فَتَنُوا﴾ عَذَّبُوا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute