قَوْلُهُ: (بَابُ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوِ الْحَرَمِ إِذْ سَوْقُهُ مَعَهُ مِنْ بَلَدِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْهَدْيِ أَنَّهُ مَا أُدْخِلَ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ لِأَنَّ قَدِيدًا مِنَ الْحِلِّ. قُلْتُ: لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْجَمَةَ أَعَمُّ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ فَكَيْفَ تَكُونُ بَيَانًا لَهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنِّي لَا آمَنُهَا) بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْخَفِيفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي: بَابِ طَوَافِ الْقَارِنِ بِلَفْظِ لَا آمَنُ وَالْهَاءُ هُنَا ضَمِيرُ الْفِتْنَةِ أَيْ لَا آمَنُ الْفِتْنَةَ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا فِي صَدِّكَ عَنِ الْبَيْتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي: بَابِ الْمُحْصَرِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ هُنَا لَا أَيْمَنُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَشَرْحُهُ فِي: بَابِ طَوَافِ الْقَارِنِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ تُصَدَّ) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ أَنْ سَتُصَدَّ.
قَوْلُهُ: (فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مِنَ الدَّارِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِحْرَامِ مِنْ قَبْلِ الْمِيقَاتِ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ: فَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْجَوَازِ، ثُمَّ قِيلَ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَقِيلَ دُونَهُ، وَقِيلَ مِثْلُهُ، وَقِيلَ مَنْ كَانَ لَهُ مِيقَاتٌ مُعَيَّنٌ فَهُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَمِنْ دَارِهِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي أَرْجَحِيَّةِ الْمِيقَاتِ عَنِ الدَّارِ اخْتِلَافٌ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ مَنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ أَرْجَحَ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَمِنَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ فِي: بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ حَتَّى أَحَلَّ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَالْحَاءُ مَفْتُوحَةٌ وَهِيَ لُغَةٌ شَهِيرَةٌ يُقَالُ: حَلَّ وَأَحَلَّ.
١٠٦ - بَاب مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ
وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ إِذَا أَهْدَى مِنْ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ
يَطْعُنُ فِي شِقِّ سَنَامِهِ الْأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَةً
١٦٩٤، ١٦٩٥ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، قَالَا: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِيُّ ﷺ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ.
[الحديث ١٤٩٤ - أطرافه في: ١٨١١، ٢٧١٢، ٢٧٣١، ٤١٥٨، ٤١٧٨، ٤١٨١]
[الحديث ١٦٩٥ - أطرافه في: ٢٧١١، ٢٧٣٢، ٤١٥٧، ٤١٧٩، ٤١٨٠]
١٦٩٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ ﷺ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ.
[الحديث ١٦٩٦ - أطرافه في: ١٦٩٨، ١٦٩٩، ١٧٠٠، ١٧٠١، ١٧٠٢، ١٧٠٣، ١٧٠٤، ١٧٠٥، ٢٣١٧، ٥٥٦٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: غَرَضُهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يُشْعِرَ الْمُحْرِمُ وَلَا يُقَلِّدَ إِلَّا فِي مِيقَاتِ بَلَدِهِ. انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ غَرَضَهُ الْإِشَارَةُ إِلَى رَدِّ قَوْلِ مُجَاهِدٍ لَا يُشْعِرُ حَتَّى يُحْرِمَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ مَنْ أَشْعَرَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَوَجْهُ الدِّلَالَةِ لِذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ قَوْلُهُ: حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَحْرَمَ. فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْبُدَاءَةُ بِالتَّقْلِيدِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَوْلُهُ ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا