للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي سَفَرٍ فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى قَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، قَالَ: لَوْ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِيَ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَحَادِيثُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ صِحَاحٌ مُتَوَاتِرَةٌ. وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا، وَأَبْطَأَهُمْ سُحُورًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا وَظُهُورُ الدِّينِ مُسْتَلْزِمٌ لِدَوَامِ الْخَيْرِ.

قَوْلُهُ: (مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ) زَادَ أَبُو ذَرٍّ فِي حَدِيثِهِ: وَأَخَّرُوا السُّحُورَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَمَا ظَرْفِيَّةٌ، أَيْ: مُدَّةَ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ امْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ وَاقِفِينَ عِنْدَ حَدِّهَا غَيْرَ مُتَنَطِّعِينَ بِعُقُولِهِمْ مَا يُغَيِّرُ قَوَاعِدَهَا، زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ: لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَتَأْخِيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ لَهُ أَمَدٌ، وَهُوَ ظُهُورُ النَّجْمِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلٍ أَيْضًا بِلَفْظِ: لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ وَفِيهِ بَيَانُ الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يُزَادَ فِي النَّهَارِ مِنَ اللَّيْلِ، وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ وَأَقْوَى لَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ، وَكَذَا عَدْلٌ وَاحِدٌ فِي الْأَرْجَحِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي تَأْخِيرِهِمُ الْفِطْرَ إِلَى ظُهُورِ النُّجُومِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي وُجُودِ الْخَيْرِ بِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُؤَخِّرُهُ يَدْخُلُ فِي فِعْلِ خِلَافِ السُّنَّةِ اهـ.

وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الزِّيَادَةِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ سَبَبَ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الشِّيعَةَ لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ عِنْدَ تَحْدِيثِهِ بِذَلِكَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مُسْتَحَبٌّ، وَلَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إِلَّا لِمَنْ تَعَمَّدَهُ، وَرَأَى الْفَضْلَ فِيهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مُسْتَحَبًّا أَنْ يَكُونَ نَقِيضُهُ مَكْرُوهًا مُطْلَقًا، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ سِتَّةِ شَوَّالٍ؛ لِئَلَّا يَظُنَّ الْجَاهِلُ أَنَّهَا مُلْتَحِقَةٌ بِرَمَضَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ.

(تَنْبِيهٌ): مِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ إِيقَاعِ الْأَذَانِ الثَّانِي قَبْلَ الْفَجْرِ بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَإِطْفَاءِ الْمَصَابِيحِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الصِّيَامَ زَعْمًا مِمَّنْ أَحْدَثَهُ أَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ إِلَّا آحَادُ النَّاسِ، وَقَدْ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ صَارُوا لَا يُؤَذِّنُونَ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِدَرَجَةٍ لِتَمْكِينِ الْوَقْتِ زَعَمُوا، فَأَخَّرُوا الْفِطْرَ، وَعَجَّلُوا السُّحُورَ، وَخَالَفُوا السُّنَّةَ، فَلِذَلِكَ قَلَّ عَنْهُمُ الْخَيْرُ وَكَثُرَ فِيهِمُ الشَّرُّ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ) هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَرِيبًا.

٤٦ - بَاب إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ

١٩٥٩ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَتْ: أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قَالَ: بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا يقول: لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (بَابٌ: إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ) أَيْ: ظَانًّا غُرُوبَ الشَّمْسِ (ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ) أَيْ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ