للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَنَائِزِ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ، فَنَسَبَ الْقَوْلَ بِنَجَاسَةِ الْكَافِرِ إِلَى الشَّافِعِيِّ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الطَّهَارَةِ عِنْدَ مُلَابَسَةِ الْأُمُورِ الْمُعَظَّمَةِ وَاسْتِحْبَابُ احْتِرَامِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَتَوْقِيرِهِمْ وَمُصَاحَبَتِهِمْ عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ. وَكَانَ سَبَبُ ذَهَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا لَقِيَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ مَاسَحَهُ وَدَعَا لَهُ هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، فَلَمَّا ظَنَّ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ الْجُنُبَ يَنْجُسُ بِالْحَدَثِ خَشِيَ أَنْ يُمَاسِحَهُ كَعَادَتِهِ، فَبَادَرَ إِلَى الِاغْتِسَالِ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ قَوْلَهُ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ.

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَ اللَّهِ تَعَجَّبَ مِنِ اعْتِقَادِ أَبِي هُرَيْرَةَ التَّنَجُّسَ بِالْجَنَابَةِ أَيْ كَيْفَ يَخْفَى عَلَيْهِ هَذَا الظَّاهِرُ؟. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِئْذَانِ التَّابِعِ لِلْمَتْبُوعِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ ; لِقَوْلِهِ أَيْنَ كُنْتَ؟ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ حَتَّى يُعْلِمَهُ.

وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَنْبِيهِ الْمَتْبُوعِ لِتَابِعِهِ عَلَى الصَّوَابِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ. وَفِيهِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاغْتِسَالِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ وُجُوبِهِ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْجُنُبَ إِذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَنَوَى الِاغْتِسَالَ أَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ يَنْجُسُ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى طَهَارَةِ عَرَقِ الْجُنُبِ ; لِأَنَّ بَدَنَهُ لَا يَنْجُسُ بِالْجَنَابَةِ، فَكَذَلِكَ مَا تَحَلَّبَ مِنْهُ. وَعَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِ الْجُنُبِ فِي حَوَائِجِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فقال:

٢٤ - بَاب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ

وَقَالَ عَطَاءٌ يَحْتَجِمُ الْجُنُبُ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ

٢٨٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ (بَابُ الْجُنُبِ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ) قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ أَيْ وَغَيْرِ السُّوقِ وَيُحْتَمَلُ الرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى يَخْرُجُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ) هذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ وَزَادَ وَيَطْلِي بِالنُّورَةِ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ هِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ بِالرَّفْعِ فِي التَّرْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ كَذَا لَهُمْ إِلَّا الْأَصِيلِيَّ فَقَالَ شُعْبَةُ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ النَّبِيَّ) وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَكَرِيمَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِرَقْمِ ٢٦٨ فِي بَابِ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ، وَإِيرَادُهُ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ يُقَوِّي رِوَايَةَ وَغَيْرِهِ بِالْجَرِّ ; لِأَنَّ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً، فَهُوَ مُحْتَاجٌ فِي الدُّخُولِ من هَذِهِ إِلَى هَذِهِ إِلَى الْمَشْيِ، وَعَلَى هَذَا فَمنَاسَبَة إِيرَادُ أَثَرِ عَطَاءٍ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي جَوَازِ تَشَاغُلِ الْجُنُبِ بِغَيْرِ غُسْلٍ، وَقَدْ خَالَفَ عَطَاءٌ غَيْرَهُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ، فَقَالُوا: يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ يُقَوِّي اخْتِيَارَ عَطَاءٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْرَدَهُ لِيَسْتَدِلَّ لَهُ لَا لِيَسْتَدِلَّ بِهِ.

٢٨٥ - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قال:، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ.