للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾

وَالْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ لَمَّا شَاخَ وَاسْتُبْعِدَ مِنْ مِثْلِهِ أَنْ يَجِيءَ لَهُ الْوَلَدُ وَجَاءَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَمَا أُمِرُوا بِإِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ فَبَشَّرُوهُ بِإِسْحَاقَ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ إِسْمَاعِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بِكْرُهُ وَأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ إِسْحَاقَ.

قُلْتُ: وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ جَيِّدٌ وَقَدْ كُنْتُ أَسْتَحْسِنُهُ وَأَحْتَجُّ بِهِ إِلَى أَنْ مَرَّ بِي قَوْلُهُ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ فَإِنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّهُ رُزِقَ إِسْمَاعِيلَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَقُوَّتِهِ لِأَنَّ هَاجَرَ وَالِدَةَ إِسْمَاعِيلَ صَارَتْ لِسَارَّةَ مِنْ قِبَلِ الْجَبَّارِ الَّذِي وَهَبَهَا لَهَا وَإِنَّهَا وَهَبَتْهَا لِإِبْرَاهِيمَ لَمَّا يَئِسَتْ مِنَ الْوَلَدِ فَوَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ فَغَارَتْ سَارَّةُ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِسْحَاقَ وَاسْتَمَرَّتْ غَيْرَةُ سَارَّةَ إِلَى أَنْ كَانَ مِنْ إِخْرَاجِهَا وَوَلَدِهَا إِلَى مَكَّةَ مَا كَانَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأ مُفَصَّلًا، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِهِ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: انْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِلَادِ قَوْمِهِ قِبَلَ الشَّامِ فَلَقِيَ سَارَّةَ وَهِيَ بِنْتُ مَلِكِ حَرَّانَ فَآمَنَتْ بِهِ فَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا قَدِمَ مِصْرَ وَهَبَهَا الْجَبَّارُ هَاجَرَ وَوَهَبَتْهَا لَهُ سَارَّةُ وَكَانَتْ سَارَّةُ مُنِعَتِ الْوَلَدَ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ دَعَا اللَّهَ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلَدًا مِنَ الصَّالِحِينَ فَأُخِّرَتِ الدَّعْوَةُ حَتَّى كَبِرَ فَلَمَّا عَلِمَتْ سَارَّةُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَقَعَ عَلَى هَاجَرَ حَزِنَتْ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنَ الْوَلَدِ.

ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ مَجِيءِ الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِ إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ وَتَبْشِيرِهِمْ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْحَاقَ فَلِذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ وَيُقَالُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَقِيلَ: كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ قِصَّةِ الذَّبِيحِ كَانَتْ بِمَكَّةَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ فِي أَنَّ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّ سَارَّةَ وَإِسْحَاقَ لَمْ يَكُونَا بِمَكَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَسْلَمَا: سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ، وَتَلَّهُ: وَضَعَ وَجْهَهُ بِالْأَرْضِ) قَالَ الْفِرْيَابِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ قَالَ: سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ قَالَ: وَضَعَ وَجْهَهُ بِالْأَرْضِ قَالَ: لَا تَذْبَحْنِي وَأَنْتَ تَنْظُرُ فِي وَجْهِي لِئَلَّا تَرْحَمَنِي، فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ فِي الْأَرْضِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ أَيْ: سَلَّمَا لِلَّهِ الْأَمْرَ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: اتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ: سَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَسَلَّمَ إسحاق لِأَمْرِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي لَفْظٍ: أَمَّا هَذَا فَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ، وَأَمَّا هَذَا فَأَسْلَمَ ابْنُهُ لِلَّهِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ: تَلَّهُ لِلْجَبِينِ كَبَّهُ لِوَجْهِهِ.

(تَنْبِيهٌ):

هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالَّتِي قَبْلَهَا لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، بَلِ اكْتَفَى فِيهِمَا بِالْقُرْآنِ، وَلَهُمَا نَظَائِرُ. وَقَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ إِنَّهُ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بَيَاضٌ لِيُلْحَقَ بِهِ حَدِيثٌ يُنَاسِبُهُ مُحْتَمَلٌ مَعَ بُعْدِهِ.

٨ - بَاب التَّوَاطُؤِ عَلَى الرُّؤْيَا

٦٩٩١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّ أُنَاسًا أُرُوها فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ

قَوْلُهُ: (بَابُ التَّوَاطُؤِ عَلَى الرُّؤْيَا) أَيْ تَوَافُقِ جَمَاعَةٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَلَوِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ أَنَّ أُنَاسًا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نَاسًا.

قَوْلُهُ: (أُرُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ؟ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ) كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ