كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ افْتَعَلُوا وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ. وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا﴾ أَيْ: لَمَّا حَصَلَ لَهُمُ الْيَأْسُ مِنْ يُوسُفَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ مَعْنَاهُ مِنَ الرَّجَاءِ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ ﴿لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ أَيْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.
(تَنْبِيهٌ):
مُطَابَقَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ وُقُوعُ الْآيَةِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ وَدُخُولُهُ هُوَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ وَكَانَ مُقَامُهُ فِي السِّجْنِ تِلْكَ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ إِلَى أَنْ جَاءَهُ النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْيَأْسِ، لِأَنَّهُ أَمَرَ الْفَتَى الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ أَنْ يَذْكُرَ قِصَّتَهُ وَأَنَّهُ حُبِسَ ظُلْمًا، فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ، وَفِي مِثْلِ هَذَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ فِي الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَبْلَ هَذَا. وَعَبْدَةُ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ.
٢٠ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، ﴿ارْكُضْ﴾ اضْرِبْ، ﴿يَرْكُضُونَ﴾ يَعْدُونَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ الْآيَةَ) يُقَالُ: هُوَ أَيُّوبُ بْنُ سَارِي بْنُ رِغْوَالَ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: اسْمُ أَبِيهِ مَوْصُ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ، وَقِيلَ: مَوْصُ بْنُ رُزَاحَ بْنِ عِيصَ، وَقِيلَ: أَيُّوبُ بْنُ رُزَاحَ بْنِ مَوْصَ بْنِ عِيصُو، وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ بَيْنَ مَوْصَ، وَعِيصَ لِيَقْرَنَ، وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ رُومِ بْنِ عِيصَ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ، وَحَكَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ أُمَّهُ بِنْتُ لُوطٍ ﵇ وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ قَبْلَ مُوسَى. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَصِحَّ فِي نَسَبِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ امْصُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: كَانَ بَعْدَ شُعَيْبٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ، وَكَانَ عِيصُو تَزَوَّجَ بشمت بِنْتَ عَمِّهِ إِسْمَاعِيلَ فَرُزِقَ مِنْهَا رِغْوَالُ وَهُوَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ.
قَوْلُهُ: ﴿ارْكُضْ﴾ اضْرِبْ، يَرْكُضُونَ: يَعْدُونَ) رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾ قَالَ: ضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَإِذَا عَيْنَانِ تَنْبُعَانِ فَشَرِبَ مِنْ إِحْدَاهُمَا وَاغْتَسَلَ مِنَ الْأُخْرَى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ أَيْ يَهْرُبُونَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لا تَرْكُضُوا﴾ أَيْ لَا تَفِرُّوا.
قَوْلُهُ: (بَيْنَا أَيُّوبُ) أَصْلُ بَيْنَا بَيْنَ أُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ، وَيَغْتَسِلُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ بِإِضَافَةِ بَيْنَ إِلَيْهِ وَالْعَامِلُ خَرَّ عَلَيْهِ أَوْ هُوَ مُقَدَّرٌ وَخَرَّ مُفَسِّرٌ لَهُ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَمَّا عَافَى اللَّهُ أَيُّوبَ أَمْطَرَ عَلَيْهِ جَرَادًا مِنْ ذَهَبٍ.
قَوْلُهُ: (عُرْيَانًا) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْغُسْلِ.
قَوْلُهُ: (خَرَّ عَلَيْهِ) أَيْ سَقَطَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: (رِجْلُ جَرَادٍ) أَيْ جَمَاعَةُ جَرَادٍ، وَالْجَرَادُ اسْمُ جَمْعٍ وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ كَتَمْرٍ وَتَمْرَةٍ، وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ أَنَّهُ يُقَالُ لِلذَّكَرِ جَرَادٌ وَلِلْأُنْثَى جَرَادَةٌ.
قَوْلُهُ: (يَحْثِي) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ يَأْخُذُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَفِي رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ يَلْتَقِطُ.
قَوْلُهُ: (فِي ثَوْبِهِ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي