للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَرُبَ بِالضَّمِّ فَهُوَ لَازِمٌ. تَقُولُ: قَرُبَ الشَّيْءُ أَيْ دَنَا. وَقَدْ بَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الْحَاكِمِ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: وَلَا أَرَى رَبَّكَ وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ لِمَا تَرَى مِنْ جَزَعِهِ وَهَذَانَ طَرِيقَانِ مُرْسَلَانِ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ، فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ أُمِّ جَمِيلٍ وَخَدِيجَةَ قَالَتْ ذَلِكَ، لَكِنَّ أُمَّ جَمِيلٍ عَبَّرَتْ - لِكَوْنِهَا كَافِرَةً - بِلَفْظِ: شَيْطَانَكَ، وَخَدِيجَةُ عَبَّرَتْ - لِكَوْنِهَا مُؤْمِنَةً - بِلَفْظِ: رَبَّكَ أَوْ صَاحِبَكَ، وَقَالَتْ أُمُّ جَمِيلٍ شَمَاتَةً وَخَدِيجَةُ تَوَجُّعًا.

٢ - بَابُ ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ كَذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ، وَهُوَ تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِينَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهَا فِي الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ) أَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالتَّشْدِيدِ فَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ، وَقَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ عُرْوَةُ وَابْنُهُ هِشَامٌ، وَابْنُ أَبِي عُلَيَّةَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا وَدَّعَكَ يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّوْدِيعِ وَمَا وَدَعَكَ يَعْنِي بِالتَّخْفِيفِ مِنْ وَدَعْتُ انْتَهَى. وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ كَوْنِهِمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ التَّوْدِيعَ مُبَالَغَةٌ فِي الْوَدْعِ لِأَنَّ مَنْ وَدَّعَكَ مُفَارِقًا فَقَدْ بَالَغَ فِي تَرْكِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا.

٤٩٥١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ قَالَتْ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُرَى صَاحِبَكَ إِلَّا أَبْطَأَكَ. فَنَزَلَتْ ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ قَوْلُهُ: (فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ: (قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى صَاحِبَكَ إِلَّا أَبْطَأَكَ) هَذَا السِّيَاقُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خِطَابَ خَدِيجَةَ، دُونَ الْخِطَابِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خِطَابَ حَمَّالَةِ الْحَطَبِ لِتَعْبِيرِهَا بِالشَّيْطَانِ وَالتَّرْكِ وَمُخَاطَبَتِهَا بِمُحَمَّدٍ، بِخِلَافِ هَذِهِ فَقَالَتْ: صَاحِبُكَ، وَقَالَتْ: أَبْطَأَ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَجَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ، وَهُوَ مُوَجَّهٌ لِأَنَّ مَخْرَجَ الطَّرِيقَيْنِ وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُ أَبْطَأَكَ أَيْ صَيَّرَكَ بَطِيئًا فِي الْقِرَاءَةِ، لِأَنَّ بُطْأَهُ فِي الْإِقْرَاءِ يَسْتَلْزِمُ بُطْءَ الْآخَرِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ إِلَّا أَبْطَأَ عَنْكَ.

٩٤ - سُورَةُ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وِزْرَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَنْقَضَ: أَثْقَلَ، ﴿مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَيْ إِنَّ مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا آخَرَ، كَقَوْلِهِ: ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فَانْصَبْ: فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ شَرْحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (سُورَةُ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِلْبَاقِينَ أَلَمْ نَشْرَحْ حَسْبُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وِزْرَكَ: فِي الْجَاهِلِيَّةِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَفِي الْجَاهِلِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوِزْرِ، أَيِ الْكَائِنُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِوَضَعَ.

قَوْلُهُ: (أَنْقَضَ: أَتْقَنَ) قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ أَتْقَنَ بِمُثَنَّاةٍ وَقَافٍ وَنُونٍ، وَهُوَ وَهْمٌ