أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَلِهَذَا شُرِعَ الْخِيَارُ فِي الْعُنَّةِ. وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ وَتَحْصِينِ الْفَرْجِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ وَعَدَمِ التَّكْلِيفِ بِغَيْرِ الْمُسْتَطَاعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حُظُوظَ النُّفُوسِ وَالشَّهَوَاتِ لَا تَتَقَدَّمُ عَلَى أَحْكَامِ الشَّرْعِ بَلْ هِيَ دَائِرَةٌ مَعَهَا.
وَاسْتَنْبَطَ الْقَرَافِيُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ أَنَّ التَّشْرِيكَ فِي الْعِبَادَةِ لَا يَقْدَحُ فِيهَا بِخِلَافِ الرِّيَاءِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ بِهَذَا الْقَصْدِ صَحِيحٌ مُثَابٌ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَأَرْشَدَ إِلَيْهِ لِتَحْصِيلِ غَضِّ الْبَصَرِ وَكَفِّ الْفَرْجِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ اهـ. فَإِنْ أَرَادَ تَشْرِيكَ عِبَادَةٍ بِعِبَادَةٍ أُخْرَى فَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ. وَإِنْ أَرَادَ تَشْرِيكَ الْعِبَادَةِ بِأَمْرٍ مُبَاحٍ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُسَاعِدُهُ. وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِمْنَاءِ لِأَنَّهُ أَرْشَدُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ التَّزْوِيجِ إِلَى الصَّوْمِ الَّذِي يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ، فَلَوْ كَانَ الِاسْتِمْنَاءُ مُبَاحًا لَكَانَ الْإِرْشَادُ إِلَيْهِ أَسْهَلَ. وَتُعُقِّبَ دَعْوَى كَوْنِهِ أَسْهَلَ لِأَنَّ التَّرْكَ أَسْهَلُ مِنَ الْفِعْلِ. وَقَدْ أَبَاحَ الِاسْتِمْنَاءَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَجْلِ تَسْكِينِ الشَّهْوَةِ، وَفِي قَوْلِ عُثْمَانَ، لِابْنِ مَسْعُودٍ أَلَا نُزَوِّجُكَ شَابَّةً اسْتِحْبَابُ نِكَاحِ الشَّابَّةِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ.
٣ - بَاب مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ
٥٠٦٦ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ شَبَابًا، لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ.
قَوْلُهُ (بَابُ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، وَهَذَا اللَّفْظُ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، فَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ بِلَفْظِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَاءَةَ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ عَنْهُ بِلَفْظِ وَمَنْ لَا فَلْيَصُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
٤ - بَاب كثرة النساء
٥٠٦٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا، فَلَا تُزَعْزِعُوهَا، وَلَا تُزَلْزِلُوهَا، وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ تِسْعٌ، كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ، وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ.
٥٠٦٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute