الَّذِي اسْتَبْعَدَهُ ابْنُ رَشِيدٍ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ خِلَافَ مَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ فِي النُّهُوضِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.
وَالْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ.
١٤٥ - بَاب سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَجْلِسُ فِي صَلَاتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فَقِيهَةً
٨٢٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا جَلَسَ، فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، فَنَهَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ الْيُسْرَى، فَقُلْتُ: إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلَانِي.
٨٢٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَذَكَرْنَا صَلَاةَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ وَسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ وَيَزِيدُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَلْحَلَةَ وَابْنُ حَلْحَلَةَ مِنْ ابْنِ عَطَاءٍ قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ كُلُّ فَقَارٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ كُلُّ فَقَارٍ "
قَوْلُهُ: (بَابُ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ) أَيِ السُّنَّةُ فِي الْجُلُوسِ الْهَيْئَةُ الْآتِي ذِكْرُهَا، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ نَفْسَ الْجُلُوسِ سُنَّةٌ. وَيَحْتَمِلُ إِرَادَتَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَهَمُّ مِنَ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ. وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: ضَمَّنَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ سِتَّةَ أَحْكَامٍ، وَهِيَ أَنَّ هَيْئَةَ الْجُلُوسِ غَيْرُ مُطْلَقِ الْجُلُوسِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سُنَّةٌ، وَأَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَأَنَّ ذَا الْعِلْمِ يُحْتَجُّ بِعَمَلِهِ اهـ.
وَهَذَا الْأَخِيرُ إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا ضُمَّ أَثَرُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ إِلَى التَّرْجَمَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ، وَأَثَرُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الْمَذْكُورُ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ لَمْ يَقَعْ عِنْدَهُ قَوْلُ مَكْحُولٍ فِي آخِرِهِ وَكَانَتْ فَقِيهَةً، فَجَزَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ لَا مِنْ كَلَامِ مَكْحُولٍ، فَقَالَ مُغَلْطَايْ: الْقَائِلُ: وَكَانَتْ فَقِيهَةً هُوَ الْبُخَارِيُّ فِيمَا أَرَى. وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute