وَعَلَى جَوَازِ قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ، وَفِي النَّهْيِ عَنْهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَإِنْ ثَبَتَ خُصَّ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ وَأَهْلِ التَّرَفِ، وَفِيهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ - إِذَا كَانَ مَحْصُورًا - تُقْبَلُ.
(فَائِدَةٌ): لَيْسَ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَالَّذِي مَضَى فِي الْمَسْحِ فَقَطْ.
٥١ - بَاب مَنْ مَضْمَضَ مِنْ السَّوِيقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
٢٠٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِالْأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
[الحديث ٢٠٩ - أطرافه في: ٥٤٥٥، ٥٤٥٤، ٥٣٩٠، ٥٣٨٤، ٤١٩٥، ٤١٧٥، ٢٩٨١، ٢١٥]
٢١٠ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَكَلَ عِنْدَهَا كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ)، قال الدَّاوُدِيُّ: هُوَ دَقِيقُ الشَّعِيرِ أَوِ السُّلْتُ الْمَقْلِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيَكُونُ مِنَ الْقَمْحِ. وَقَدْ وَصَفَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: عُدَّةُ الْمُسَافِرِ، وَطَعَامُ الْعَجْلَانِ، وَبُلْغَةُ الْمَرِيضِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَالْإِسْنَادُ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ. وَبُشَيْرٌ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا، وَيَسَارٌ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ.
قَوْلُهُ: (بِالصَّهْبَاءِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ)؛ أَيْ: طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةِ. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَهِيَ عَلَى رَوْحَةٍ مِنْ خَيْبَرَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ: هِيَ عَلَى بَرِيدٍ. وَبَيَّنَ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعِ آخَرَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أُدْرِجَتْ، وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ قَرِيبًا بِدُونِ الزِّيَادَةِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَعَا بِالْأَزْوَادِ) فِيهِ جَمْعُ الرُّفَقَاءِ عَلَى الزَّادِ فِي السَّفَرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ أَكْلًا، وَفِيهِ حَمْلُ الْأَزْوَادِ فِي الْأَسْفَارِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُهَلَّبُ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ الْمُحْتَكِرِينَ بِإِخْرَاجِ الطَّعَامِ عِنْدَ قِلَّتِهِ لِيَبِيعُوهُ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ فَيَجْمَعُ الزَّادَ لِيُصِيبَ مِنْهُ مَنْ لَا زَادَ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (فَثُرِّيَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا، أَيْ بُلَّ بِالْمَاءِ لِمَا لَحِقَهُ مِنَ الْيُبْسِ.
قَوْلُهُ: (وَأَكَلْنَا) زَادَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ وَشَرِبْنَا. وَفِي الْجِهَادِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَلُكْنَا وَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ)؛ أَيْ: قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَفَائِدَةُ الْمَضْمَضَةِ مِنَ السَّوِيقِ وَإِنْ كَانَ لَا دَسَمَ لَهُ أَنْ تَحْتَبِسَ بَقَايَاهُ بَيْنَ الْأَسْنَانِ وَنَوَاحِي الْفَمِ، فَيَشْغَلُهُ تَتَبُّعُهُ عَنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)؛ أَيْ: بِسَبَبِ أَكْلِ السَّوِيقِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ وَخَيْبَرُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ. قُلْتُ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَضَرَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ وَرَوَى الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ يُفْتِي بِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى جَوَازِ صَلَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى اسْتِحْبَابِ الْمَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، وَبُكَيْرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، وَمَبَاحِثُ الْمَتْنِ تَقَدَّمَتْ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَنِصْفُ الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ مِصْرِيُّونَ وَنِصْفُهُ الْأَعْلَى مَدَنِيُّونَ، وَلِعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فِيهِ