للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَفِيهِ: فَدَعَا النَّبِيُّ بِالْأَطْعِمَةِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: بِالْأَزْوَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَلُكْنَا بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ: أَدَرْنَا اللُّقْمَةَ فِي الْفَمِ، وَقَوْلُهُ: وَشَرِبْنَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا إِلَّا إِنْ كَانَ أَرَادَ الْمَضْمَضَةَ، كَذَا قَالَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمُ اسْتَفَّ السَّوِيقَ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ فِي الْمَاءِ وَشَرِبَهُ فَلَا إِشْكَالَ.

رَابِعُهَا حَدِيثُ سَلَمَةَ وَهُوَ ابْنُ الْأَكْوَعِ: خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ الْحَدِيثَ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ بِهِ.

وَقَوْلُهُ فِيهِ: (أَمْلَقُوا) أَيْ: فَنِيَ زَادُهُمْ، وَمَعْنَى أَمْلَقَ: افْتَقَرَ، وَقَدْ يَأْتِي مُتَعَدِّيًا بِمَعْنَى أَفْنَى.

قَوْلُهُ: (فَأَتَوُا النَّبِيَّ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ) أَيْ: بِسَبَبِ نَحْرِ إِبِلِهِمْ، أَوْ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ) أَيْ: فَهُمْ يَأْتُونَ، وَلِذَلِكَ رَفَعَهُ، وَزَادَ فِي الشَّرِكَةِ: فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ أَرْبَعَ لُغَاتٍ فَتْحَ النُّونِ وَكَسْرَهَا وَفَتْحَ الطَّاءِ وَسُكُونَهَا.

قَوْلُهُ: (وَبَرَّكَ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: دَعَا بِالْبَرَكَةِ، وَقَوْلُهُ: (عَلَيْهِمْ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى الطَّعَامِ، وَمِثْلُهُ فِي الشَّرِكَةِ.

قَوْلُهُ: (فَاحْتَثَى النَّاسُ) بِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ، أَيْ: أَخَذُوا حَثْيَةً حَثْيَةً.

وَقَوْلُهُ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ) إِلَى آخِرِ الشَّهَادَتَيْنِ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ظُهُورَ الْمُعْجِزَةِ مِمَّا يُؤَيِّدُ الرِّسَالَةَ.

وَفِي الْحَدِيثِ حُسْنُ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَإِجَابَتُهُ إِلَى مَا يَلْتَمِسُ مِنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِجْرَاؤُهُمْ عَلَى الْعَادَةِ الْبَشَرِيَّةِ فِي الِاحْتِيَاجِ إِلَى الزَّادِ فِي السَّفَرِ، وَمَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعُمَرَ دَالَّةٌ عَلَى قُوَّةِ يَقِينِهِ بِإِجَابَةِ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَعَلَى حُسْنِ نَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي إِجَابَةِ النَّبِيِّ لَهُمْ عَلَى نَحْرِ إِبِلِهِمْ مَا يَتَحَتَّمُ أَنَّهُمْ يَبْقَوْنَ بِلَا ظَهْرٍ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ لَهُمْ مَا يَحْمِلُهُمْ مِنْ غَنِيمَةٍ وَنَحْوِهَا، لَكِنْ أَجَابَ عُمَرُ إِلَى مَا أَشَارَ بِهِ لِتَعْجِيلِ الْمُعْجِزَةِ بِالْبَرَكَةِ الَّتِي حَصَلَتْ فِي الطَّعَامِ.

وَقَدْ وَقَعَ لِعُمَرَ شَبِيهٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الْمَاءِ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَقَوْلُ عُمَرَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ أَيْ: لِأَنَّ تَوَالِيَ الْمَشْيِ رُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الْهَلَاكِ، وَكَأَنَّ عُمَرَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ اسْتِبْقَاءً لِظُهُورِهَا، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ فِي الْغَلَاءِ إِلْزَامُ مَنْ عِنْدَهُ مَا يَفْضُلُ عَنْ قُوتِهِ أَنْ يُخْرِجَهُ لِلْبَيْعِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِ النَّاسِ، وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ جَوَازُ الْمَشُورَةِ عَلَى الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ الِاسْتِشَارَةُ.

١٢٤ - بَاب حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ

٢٩٨٣ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثلاثمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا فَفَنِيَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْنَ كَانَتْ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنْ الرَّجُلِ؟ قَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ) أَيْ: عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الدَّوَابِّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْعَنْبَرِ مُقْتَصِرًا عَلَى بَعْضِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي.