سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ. وَبِذَلِكَ جَزَمَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ: الْقَارِئُ وَكَانَ عَلَى الْقَادِسِيَّةِ وَاسْتُشْهِدَ بِهَا، وَهُوَ وَالِدُ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ: هُوَ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ زَعْوَرِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ، وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُ أَنَسٍ: أَحَدُ عُمُومَتِي فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي حَرَامٍ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر: واسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرَ اثْنَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ اثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنَ الْأَمْرِ بِأَخْذِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمُ اسْتَظْهَرُوهُ جَمِيعَهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُؤْخَذَ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ أَنَسٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ: جَمَعَهُ أَرْبَعَةٌ أَنْ لَا يَكُونَ جَمَعَهُ غَيْرُهُمْ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ جَمْعُهُ لِأَرْبَعَةٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا لِهَذِهِ الْقَبِيلَةِ وَهِيَ الْأَنْصَارُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى جَمْعِ الْقُرْآنِ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ.
١٨ - بَاب مَنَاقِبُ أَبِي طَلْحَةَ ﵁
٣٨١١ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ ﷺ مُجَوِّبٌ بِهِ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ الْقِدِّ يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنْ النَّبْلِ، فَيَقُولُ: انْثرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَأَشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَا تُشْرِفْ يُصِيبُكَ منهم مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ. وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَد أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي طَلْحَةَ) هُوَ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ، هُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيْمٍ وَالِدَةِ أَنَسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ وَفَاتِهِ وَتَارِيخِهَا فِي الْجِهَادِ.
قَوْلُهُ: (مُجَوِّبٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ مُتَرِّسٌ عَلَيْهِ يَقِيهِ بِهَا، وَيُقَالُ لِلتُّرْسِ جَوْبَةٌ، وَالْحَجَفَةُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ: التُّرْسُ.
قَوْلُهُ: (شَدِيدًا لِقِدٍّ يُكْسَرُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِنَصْبِ شَدِيدًا وَبَعْدَهَا لِقِدٍّ بِلَامٍ ثُمَّ قِدٍّ، وَلِبَعْضِهِمْ بِالْإِضَافَةِ شَدِيدِ الْقِدِّ بِسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَالْقِدُّ سَيْرٌ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، يُرِيدُ أَنَّهُ شَدِيدُ وَتَرِ الْقَوْسِ، وَبِهَذَا جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ التِّينِ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ بَدَلَ الْقَافِ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٩ - بَاب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ﵁
٣٨١٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ الْآيَةَ. قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ مَالِكٌ: الْآيَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute