عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا.
قَوْلُهُ: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ يَعْلَى) أَيْ: قَالَ: قَالَ يَعْلَى - وَقَالَ: تَسْقُطُ خَطًا وَتَثْبُتُ لَفْظًا، وَيَعْلَى هَذَا هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ بِلَفْظِ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَعْلَى وَأَخْرَجَهُ (١) أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجٍ هَذَا لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُمَا عَنْ يَعْلَى غَيْرُ مَنْسُوبٍ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ. وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِيهِ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٌ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِهِ، وَلَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سِوَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ بَصْرِيُّ الْأَصْلِ سَكَنَ مَكَّةَ مَشْهُورٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبِرِوَايَةِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ، وَقَدْ رَوَى يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
قَوْلُهُ: (لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَاتِلُ حَمْزَةَ وَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ نَزَلَتْ: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ الْآيَةَ، فَقَالَ: هَذَا شَرْطٌ شَدِيدٌ، فَنَزَلَتْ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ﴾ الْآيَةَ. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: اتَّعَدْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ أَنْ نُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّتِهِمْ وَرُجُوعِ رَفِيقِهِ فَنَزَلَتْ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ الْآيَةَ قَالَ: فَكَتَبْتُ بِهَا إِلَى هِشَامٍ.
قَوْلُهُ: (وَنَزَلَ ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصَبْنَا مَا أَصَابَ وَحْشِيٌّ، فَقَالَ: هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً. وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَذِهِ الْآيَةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ الْآيَةَ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَمَنْ أَشْرَكَ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ أَشْرَكَ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى غُفْرَانِ جَمِيعِ الذُّنُوبِ كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِحَقِّ الْآدَمِيِّينَ أَمْ لَا، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا تُغْفَرُ بِالتَّوْبَةِ، وَأَنَّهَا تُغْفَرُ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ تَوْبَةٍ، لَكِنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ إِذَا تَابَ صَاحِبُهَا مِنَ الْعَوْدِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَنْفَعُهُ التَّوْبَةُ مِنَ الْعَوْدِ، وَأَمَّا خُصُوصُ مَا وَقَعَ مِنْهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ رَدِّهِ لِصَاحِبِهِ أَوْ مُحَالَلَتِهِ مِنْهُ. نَعَمْ فِي سِعَةِ فَضْلِ اللَّهِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرِضَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَنْ حَقِّهِ وَلَا يُعَذَّبَ الْعَاصِي بِذَلِكَ، وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
٢ - بَاب ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾
٤٨١١ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنْ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ
(١) لعله يعلى بن مسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute