للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا

وَفِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ زِيَادَةُ سَبَبٍ خَفِيفٍ وَهُوَ الْخَزْمُ بِالزَّايِ، وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَالرِّوَايَةُ الْوُسْطَى سَالِمَةٌ مِنَ الْخَرْمِ وَالْخَزْمِ مَعًا. وَقَوْلُهُ هُنَا: إِنَّ الْأُلَى وَرُبَّمَا قَالَ:

إِنَّ الْمَلَأَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ

إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

وَلَمْ يَتَرَدَّدْ وَالْأُلَى بِهَمْزَةٍ مَضْمُومًا غَيْرِ مَمْدُودَةٍ. وَاللَّامُ بَعْدَهَا مَفْتُوحَةٌ وَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِينَ وَإِنَّمَا يَتَّزِنُ بِلَفْظِ الَّذِينَ فَكَأَنَّ أَحَدَ الرُّوَاةِ ذَكَرَهَا بِالْمَعْنَى، وَمَضَى فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِلَفْظِ: إِنَّ الْعِدَا وَهُوَ غَيْرُ مَوْزُونٍ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْأَعَادِي لَا تُزَنْ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ:

وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

وَهَذَا مَوْزُونٌ، ذَكَرَهُ فِي رَجَزِ عَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي غَزَوْهِ خَيْبَرَ.

قَوْلُهُ: قَبْلَ ذَلِكَ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَارَى التُّرَابُ) بِسُكُونِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بِلَفْظِ: الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنَ الْمُوَارَاةِ، أَيْ غَطَّى وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ كَذَا لِلْجَمِيعِ إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيَّ فَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ: وَإِنَّ التُّرَابَ لَمُوَارٍ.

قَوْلُهُ: (بَيَاضَ بَطْنِهِ) كَذَا لِلْجَمِيعِ إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيَّ فَقَالَ: بَيَاضَ إِبْطَيْهِ تَثْنِيَةُ الْإِبْطِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمَغَازِي حَتَّى اغْبَرَّ بَطْنُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ، حَتَّى وَارَى عَنِّي التُّرَابُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ الشَّاعِرَ الْأَنْصَارِيَّ الصَّحَابِيَّ الْمَشْهُورَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنَّهُ مِنْ شِعْرِ عَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَذَكَرْتُ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُنَاكَ، وَمَا فِي الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زِحَافٍ وَتَوْجِيهَهُ.

وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الشِّعْرِ إِنْشَادًا وَإِنْشَاءً فِي حَقِّ النَّبِيِّ وَفِي حَقِّ مَنْ دُونَهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَدَبِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَوْلَا عِنْدَ الْعَرَبِ يَمْتَنِعُ بِهَا الشَّيْءُ لِوُجُودِ غَيْرِهِ تَقُولُ: لَوْلَا زَيْدٌ مَا صِرْتُ إِلَيْكَ أَيْ كَانَ مَصِيرِي إِلَيْكَ مِنْ أَجْلِ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا أَيْ كَانَتْ هِدَايَتُنَا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ الرَّاغِبُ: لِوُقُوعِ غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُ خَبَرَهُ الْحَذْفُ وَيُسْتَغْنَى بِجَوَابِهِ عَنِ الْخَبَرِ قَالَ وَتَجِيءُ بِمَعْنَى هَلَّا نَحْوَ لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا وَمِثْلُهُ: لَوْمَا بِالْمِيمِ بَدَلَ اللَّامِ وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: لَوْلَا تَجِيءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنْ تَدْخُلَ عَلَى جُمْلَةٍ لِتَرْبِطَ امْتِنَاعَ الثَّانِيَةِ بِوُجُودِ الْأُولَى نَحْوُ لَوْلَا زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُكَ أَيْ لَوْلَا وُجُودُهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ فَالتَّقْدِيرُ: لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ أَشُقَّ لَأَمَرْتُ أَمْرَ إِيجَابٍ وَإِلَّا لَانْعَكَسَ مَعْنَاهَا، إِذِ الْمُمْتَنِعُ الْمَشَقَّةُ، وَالْمَوْجُودُ الْأَمْرُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَجِيءُ لِلْحَضِّ وَهُوَ طَلَبٌ بِحَثٍّ وَإِزْعَاجٍ وَلِلْعَرْضِ وَهُوَ طَلَبٌ بِلِينٍ وَأَدَبٍ، فَتَخْتَصُّ بِالْمُضَارِعِ نَحْوُ ﴿لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ﴾

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا تَجِيءُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّنَدُّمِ فَتَخْتَصُّ بِالْمَاضِي نَحْوُ ﴿لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ أَيْ: هَلَّا انْتَهَى.

وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنَ أَنَّهَا تَجِيءُ بِمَعْنَى لِمَ لَا وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ﴾ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا مِنَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَمَوْقِعُ الْحَدِيثِ مِنَ التَّرْجَمَةِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ إِذَا عَلَّقَ بِهَا الْقَوْلَ الْحَقَّ، لَا يَمْنَعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، كَمَنْ يَفْعَلُ شَيْئًا فَيَقَعُ فِي مَحْذُورٍ فَيَقُولُ: لَوْلَا فَعَلْتُ كَذَا مَا كَانَ كَذَا، فَلَوْ حَقَّقَ لَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، سَوَاءٌ فَعَلَ أَمْ تَرَكَ فَقَوْلُهَا وَاعْتِقَادُ مَعْنَاهَا يُفْضِي إِلَى التَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ.

٨ - بَاب كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ

٧٢٣٧ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ