للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَخْبَرَهُ.

قَوْلُهُ: (قَسَمَ النَّبِيُّ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا) سَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ عُقْبَةَ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ الْقِسْمَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ بَابُ وَكَالَةِ الشَّرِيكِ لِلشَّرِيكِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَوْرَدَهُ فِيهِ أَيْضًا، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ عُقْبَةَ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْغَنَمِ نَصِيبٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا كَانَتْ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَكَذَا كَانَ لِلنَّبِيِّ فِيهَا نَصِيبٌ، وَمَعَ هَذَا فَوَكَّلَهُ فِي قِسْمَتِهَا وَقَدَّمْتُ لَهُ هُنَاكَ تَوْجِيهًا آخَرَ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ أَقْوَى مِنْهُ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهَا ضَحَايَا بِاعْتِبَارِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَيَّنَهَا لِلْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ لِيَحُوزَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ قِسْمَةِ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ لِلْمَالِكِيَّةِ، قَالَ: وَمَا أَرَى الْبُخَارِيَّ مَعَ دِقَّةِ نَظَرِهِ قَصَدَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَّا هَذَا، كَذَا قَالَ.

قَوْلُهُ: (فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ) أَيِ ابْنُ عَامِرٍ (جَذَعَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ وَصْفٌ لِسِنٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَمِنَ الضَّأْنِ مَا أَكْمَلَ السَّنَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ دُونَهَا. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِهِ فَقِيلَ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ثَمَانِيَةٍ وَقِيلَ عَشَرَةٍ، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ وَكِيعٍ أَنَّهُ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ. وَعَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ ابْنَ الشَّابَّيْنِ يُجْذَعُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَى سَبْعَةٍ وَابْنُ الْهَرَمَيْنِ يُجْذَعُ لِثَمَانِيَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ، قَالَ وَالضَّأْنُ أَسْرَعُ إِجْذَاعًا مِنَ الْمَعْزِ، وَأَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الْمَعْزِ فَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمِنَ الْبَقَرِ مَا أَكْمَلَ الثَّالِثَةَ وَمِنَ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُرَادِ بِهَا هُنَا قَرِيبًا، وَأَنَّهَا كَانَتْ مِنَ الْمَعْزِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.

٣ - بَاب الْأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ

٥٥٤٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا وَحَاضَتْ بِسَرِفَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى خِلَافِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُسَافِرَ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى خِلَافِ مَنْ قَالَ إِنَّ النِّسَاءَ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِنَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى خِلَافِ مَنْ مَنَعَ مِنْ مُبَاشَرَتِهِنَّ التَّضْحِيَةَ، فَقَدْ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ لِلتَّضْحِيَةِ.

قَوْلُهُ: (سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مُسَدَّدٌ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ وَتَقَدَّمَتْ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ.

قَوْلُهُ: (بِسَرِفَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ خَارِجَ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (أَنُفِسْتِ)؟ قَيَّدَهُ الْأَصِيلِيُّ وَغَيْرُهُ بِضَمِّ النُّونِ أَيْ حِضْتِ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ. وَقِيلَ هُوَ فِي الْحَيْضِ بِالْفَتْحِ فَقَطْ وَفِي النِّفَاسِ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أَتَيْتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ) تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْصَرُ مِنْ هَذَا، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُبَيَّنًا هُنَاكَ. وَقَوْلُهُ: ضَحَّى النَّبِيُّ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الذَّبْحَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْأُضْحِيَّةِ، وَحَاوَلَ ابْنُ التِّينِ تَأْوِيلَهُ لِيُوَافِقَ مَذْهَبَهُ فَقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ ذَبَحَهَا وَقْتَ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ، قَالَ: وَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونُ تَطَوُّعًا لَا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ الْأُضْحِيَّةِ، كَذَا