سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَرْوَانُ، بَلِ اسْتَفْهَمَهُ عَنِ السَّبَبِ، فَلَمَّا ذَكَرَهُ لَهُ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طَرِيقُ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَطَرِيقُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَقِبَهَا.
قَوْلُهُ: (لَكَزَ وَوَكَزَ وَاحِدٌ) أَيْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: الْوَكْزُ فِي الصَّدْرِ بِجُمْعِ الْكَفِّ، وَلَهَزَهُ مِثْلُهُ وَهُوَ اللَّكْزُ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ تَأْدِيبِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَغَيْرَ أَهْلِهِ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي حَقٍّ، وَفِي مَعْنَى تَأْدِيبِ الْأَهْلِ تَأْدِيبُ الرَّقِيقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ لَا تَثْرِيبَ عَلَى الْأَمَةِ.
٤٠ - بَاب مَنْ رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ
٦٨٤٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي.
[الحديث ٦٨٤٦ - طرفه في: ٧٤١٦]
قَوْلُهُ (بَابُ مَنْ رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ) كَذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُكْمَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَقَالَ الْجُمْهُورُ: عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: إِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ هُدِرَ دَمُهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ قَتْلُ الرَّجُلِ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا وَعَلِمَ أَنَّهُ نَالَ مِنْهَا مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَوَدُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ. وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى هَانِئِ بْنِ حِزَامٍ: أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُمَا، فَكَتَبَ عُمَرُ كِتَابًا فِي الْعَلَانِيَةِ أَنْ يُقِيدُوهُ بِهِ وَكِتَابًا فِي السِّرِّ أَنْ يُعْطُوهُ الدِّيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةً، وَعَامَّةُ أَسَانِيدِهَا مُنْقَطِعَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَإِلَّا فَلْيُغَطَّ بِرُمَّتِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَلَا نَعْلَمُ لِعَلِيٍّ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُوسَى) هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ، وَوَرَّادٌ هُوَ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَثَبَتَ كَذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ.
قَوْلُهُ: (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْجَزْمِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ الْحَدِيثَ، وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: فَقَالَ سَعْدٌ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كُنْتُ لِأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَجِدُ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَيَقْتُلُهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا الْحَدِيثَ.
وَفِيهِ: فَقَالَ أُنَاسٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ قَدْ نَزَلَتِ الْحُدُودُ، أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتَ مَعَ امْرَأَتِكَ رَجُلًا كَيْفَ كُنْتَ صَانِعًا؟ قَالَ: كُنْتُ ضَارِبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَسْكُنَا، فَأَنَا أَذْهَبُ وَأَجْمَعُ أَرْبَعَةً؟ فَإِلَى ذَلِكَ قَدْ قَضَى الْخَائِبُ حَاجَتَهُ فَانطَلق، وَأَقُولُ: رَأَيْتُ فُلَانًا فَيَجْلِدُونِي وَلَا يَقْبَلُونَ لِي شَهَادَةً أَبَدًا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا. ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَتَابَعَ فِيهَا السَّكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْغَيْرَةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُعَارَضُ بِالرَّأْيِ.