٤٤ - بَاب صَبِّ النَّبِيِّ ﷺ وَضُوءَهُ عَلَى مُغْمى عَلَيْهِ
١٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قال: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ.
[الحديث ١٩٤ - أطرافه في: ٧٣٠٩، ٦٧٤٣، ٦٧٢٣، ٥٦٧٦، ٥٦٦٤، ٥٦٥١، ٤٥٧٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ صَبِّ النَّبِيِّ ﷺ وَضُوءَهُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ، (وَالْمُغْمَى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ مَنْ أَصَابَهُ الْإِغْمَاءُ.
قَوْلُهُ: (يَعُودُنِي) زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الطِّبِّ مَاشِيًا
قَوْلُهُ (لَا أَعْقِلُ)؛ أَيْ: لَا أَفْهَمُ، وَحَذَفَ مَفْعُولَهُ إِشَارَةً إِلَى عِظَمِ الْحَالِ؛ أَيْ: لَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ، وَلَهُ فِي الطِّبِّ فَوَجَدَنِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلتَّرْجَمَةِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ وَضُوئِهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صَبَّ عَلَيَّ بَعْض الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَوْ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ الْمُرَادُ، فَلِلْمُصَنِّفِ فِي الِاعْتِصَامِ ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ وَلِأَبِي دَاوُدَ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّهُ عَلَيَّ.
قَوْلُهُ: (لِمَنِ الْمِيرَاثُ) اللَّامُ بَدَلٌ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قال: مِيرَاثِي، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي الِاعْتِصَامِ أَنَّهُ قال: كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ وَالْمُرَادُ بِآيَةِ الْفَرَائِضِ هُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ﴾ كَمَا سَيَأْتِي مُبَيَّنًا فِي التَّفْسِيرِ، وَيُذْكَرُ هُنَاكَ بَقِيَّةَ مَبَاحِثِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٤٥ - بَاب الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي الْمِخْضَبِ وَالْقَدَحِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ
١٩٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قال: حَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ وَبَقِيَ قَوْمٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ. قُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قال: ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي الْمِخْضَبِ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، الْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْإِنَاءُ الَّذِي يُغْسَلُ فِيهِ الثِّيَابُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْإِنَاءِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَالْقَدَحُ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْخَشَبِ مَعَ ضِيقِ فَمِهِ، وَعَطْفُهُ الْخَشَبَ وَالْحِجَارَةَ عَلَى الْمِخْضَبِ وَالْقَدَحِ لَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَقَطْ بَلْ بَيْنَ هَذَيْنِ وَهَذَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا يَاءٌ خَفِيفَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، لَكِنْ وَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ ابْنُ الْمُنِيرِ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَقَدْ يَلْتَبِسُ بِابْنِ الْمُنَيَّرِ الَّذِي نَنْقُلُ عَنْهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ لَكِنَّهُ بِتَثْقِيلِ الْيَاءِ وَنُونٍ مَفْتُوحَةٍ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ هَذَا الرَّاوِي بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ.
قَوْلُهُ: (حَضَرَتِ الصَّلَاةُ) هِيَ الْعَصْرُ.
قَوْلُهُ: (إِلَى أَهْلِهِ)؛ أَيْ: لِإِرَادَةِ الْوُضُوءِ (وَبَقِيَ قَوْمٌ)؛ أَيْ: عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ حِجَارَةٍ لِبَيَانِ الْجِنْسِ.
قَوْلُهُ: (فَصَغُرَ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ أَيْ: لَمْ يَسَعْ بَسْطَ كَفِّهِ ﷺ فِيهِ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَبْسُطَ كَفَّهُ مِنْ صِغَرِ الْمِخْضَبِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ إِنَّ الْمِخْضَبَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ، وَمَبَاحِثُ هَذَا الْحَدِيثِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الْتِمَاسِ