للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَاكَ مُطَوَّلًا، وَذَكَرَ مِنْهُ قِطَعًا هُنَا وَفِي الزَّكَاةِ وَفِي الرِّقَاقِ.

وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ فَقِيلَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِالْقِصَرِ وَالطُّولِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ قُرْبُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ تَذْهَبُ الْبَرَكَةُ فَيَذْهَبُ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ بِسُرْعَةٍ، وَقِيلَ الْمُرَادُ يَتَقَارَبُ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي الشَّرِّ وَعَدَمِ الْخَيْرِ، وَقِيلَ تَتَقَارَبُ صُدُورُ الدُّوَلِ وتَطُولُ (١) مُدَّةُ أَحَدٍ لِكَثْرَةِ الْفِتَنِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: حَتَّى يَقْتَرِبَ الزَّمَانُ مَعْنَاهُ: حَتَّى تَقْرُبَ الْقِيَامَةُ، وَوَهَّاهُ الْكِرْمَانِيُّ وَقَالَ: هُوَ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَعْنَاهُ قُرْبُ الزَّمَانِ الْعَامِّ مِنَ الزَّمَانِ الْخَاصِّ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَعِنْدَ قُرْبِهِ يَقَعُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ (٢).

الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: قَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا. قَالَ: هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا بِصُورَةِ الْمَوْقُوفِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ ﷺ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: سَقَطَ ذِكْرُ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النُّسْخَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، انْتَهَى.

وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ آلِ مَالِكِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَرَوَاهُ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ مُصَرِّحًا فِيهِ بِذِكْرِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَيْضًا هُنَاكَ، وَنَذْكُرُ فِيهِ مَنْ وَافَقَ أَزْهَرَ عَلَى التَّصْرِيحِ بِرَفْعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ فِيهِ: قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَائِلُ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عِنْدَ الدُّعَاءِ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ.

٢٨ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شُكْرَكُمْ.

١٠٣٨ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شُكْرَكُمْ.)

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا كَذَلِكَ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمُ أنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي الْبَابِ وَفِي آخِرِهِ: فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ:


(١) بهامش طبعة بولاق: كذا بالنسخ، ولعل"لا "سقطت أي " ولا تطول"
(٢) الأقرب تفسير التقارب المذكور في الحديث بما وقع في هذا العصر تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر زمن المسافه بينهما بسبب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما إلى ذلك والله أعلم